دَعُونِي أَعْتَرِفُ أَمَامَكُم ، لَـمْ أَشْعُر بِالْفَشَــلِ فِي حَيَاتِي يَوْمًا كَمَا أَشْعُرُ بِهِ هَذِهِ الأيَّام ، فَمِنَ الصَّعْبِ جَدَّا أَنْ تَتَأمَّلَ قَلْبًــا يَحْتَضِرُ أَمــامَكَ و أَنْتَ مُقَيَّدٌ لاَ تَسْتَطِيعُ فِعْلَ شيءٍ لأَجْلِهِ فَمــاذَا لَوْ كــانَ قَلْبُ صَدِيقٍ أو صَدِيقَةٍ ؟!
صَدِّقُونِي لَسْتُ حَزِينَةً لأنِي أَشْعُرُ بالْفَشَل ، لَكِنِّي مُسْتــاءَةٌ جِدًّا مِنْ عُتْمَــةِ الْحُبِّ الإِنْسَانِي فِي الْقُلُوب الْبَشَرِيَّة ، فَلَيْسَ سَهْلاً أَبَدًا أَنْ يُحِبَّ الْوَاحِدُ مِنَّا حَدَّ الوَجَعِ ، ثُــمَّ يَكْتِشِفُ أَنَّهُ لَمْ يَكُن أَكْثَرَ مِنْ حَجَرِ نَــرْدٍ يَتَسَلـَّـــى بِهِ قَلْبٌّ فـَــارِغٌ مِنَ كُلِّ شَيء ، مُسْتَعِدٌّ لأَنْ يَرْمِيهِ مَتَى يَشَــاء ، مُسْتَنِدًا عَلَى ثِقَتِهِ بأَنَّـنَّا نُحِبِّهُ حَدَّ الْمَوْتِ ، و لاَ يُمْكِنُ أنْ نَقِفَ عَثْرَةً فِي طَرِيقِ سَعَادَتِهِ إِنْ كَانَتْ بِدُونِنِــا !
عَجَبًا ، هَــل ذَلِكَ مِنْ سَخَافَاتِ الْحَيَاةِ ؟!
لَــمْ أَكُنْ أُدْرِكُ أَنْ يَتَجرأ الْقَلْبُ الْإنْسَانِيِّ عَلَى اتْخَــاذِ الْحُبِّ مَعْبَرًا إلَى اللاإحْسَاس و اللاشُعُور و اللاتَضْحِيَّة ، تَـبًّـا لحُبٍّ يَبِيعُنَا بأبْخَسِ الأَثْمَــان ، لاَ فَــائِدَةَ تُرْجَى مِنْهُ ، و لَيْسَ سِوَى دَافِعٍ للقَلْبِ الآخَر لأَنْ يَفْتَخِر بأنَّ هُنَالِكَ مَنْ يُبَادِلُهُ رَسَائِلَ الْغَرَامِ و مَعْسُولَ الْكَلاَم ..
أَخْبِرُونِي باللهِ عَلَيْكُمْ ، مَا الذِي تَجْنِيهِ فَتَــاةٌ مِنْ شَـابٍ ( أَوْ حَتِّى شَــابٌّ مِنْ فَتــاةٍ) تُهْدِيهِ الْحَيَاة و الحُب و الأَمــل ، تُمَلِّكُهُ الإحْسَاس و الْعَقل و الرُوح ، ثُمَّ لاَ تَكُونُ فِي نَظَرِهِ أَكْثَرَ مِنْ تَجْرَبُةٍ حَيَاتِيَّةٍ عَـــابِرَة ، يَسْتَغْنِي عَنْهَـا بِبَسَاطَة كأيِّ شَيءٍ لَمْ يَكُن !! و تَظَلُّ الْمِسْكِينَة مُتَمَسِّكَةً بِخَيْطِ الْوَفَاءِ و الإخْلاَص ، تَسُوقُ لَهُ الْعُذْرَ لِقَتْلِهَا ، و تَرْضَى أَنْ تَكُونَ ضَحِيَّةً فِي سُوقِ حُبٍّ كَــاذِب ، و الْغَرِيب فِي الأَمْر أَنْ نَجِدَهَا تُكــابِرُ رَغْمَ كُلِّ شَيْءٍ و تَرْفُضُ الاعْتِرَاف بأَنَّهَــا لَمْ تَكُنْ أَكْثَرَ من مَحَطَّة عَابِرَة ، نَجِدُهَــا تَخْدَعُ نَفْسَهَا و تُمَنِّيهَا رَغْمَ كُلِّ ذَلِكَ بأنَّهُ كان يُحِبُّهَــا بَلْ و لاَ يَزَال !!
لَيْتَ أولئكَ السُّذَّج يُفَكِّرُونَ بِعَقْلاَنِيَّة لَحْظَةً وَاحِدَةً ، و يَطْرَحُونَ عَلَى أَنْفُسِهِم بَعْضَ الَأسْئِلَةِ السَّابِرَة التِي تَكْشِفُ لَهُمْ حَقِيقَةَ قَلْبٍ لَمْ يَحْلُمْ يَوْمًا بِأَكْثَرِ مِنَ الْعَبَثِ بِمَشَاعِرِهِم و عَوَاطِفِهِم الْمَكْبُوتَةِ ، و أنَّهُ حَصَلَ عَلى مَــا يُرِيد ، و لَمْ يَكُونُوا أَكَثَر مِنْ أُضْحُوكَةٍ لِزَمَنٍ أَصْبَحَ فِيهِ الْحُبُّ لُعْبَة ..
كَــمْ هُوَ مُتْعِبٌ أَنْ تُحِبَّ بِعُمْقٍ ثُمَّ تُبَــاعُ للأَيَّــــامِ لِتَفْعَلَ بِكَ مَــا تَشَاؤُهُ ، و يُقَــالُ لِقَلْبِكَ بِكُلِّ بَسَاطَة أَنَّ الأَقْدَارَ كَانَتْ السَّبَبَ فِي بَيْعِهِ!!
أَشْعُرُ بالشَّفَقَةِ عَلَى الأَقْدَار ، فأَصَابِعُ الاتْهَامِ دَائِمًــا تُشِيرُ إِلَيْهَــا بِكُلِّ وَقــاحَة ، حَتَّى أخْطَــاءَنَا هِي جَرِيمَةُ الأَقْدَار !!
أيُّ أَقْدَارٍ هَذِهِ التِي تَمْنَعُنَا مِنْ أَنْ نُحِبَّ و نَتَحَمَّلَ تَبَعَاتِ الْحُبِّ و أَنْ نُضَحِّي لأَجْلٍ قُلُوبٍ أَخْلَصَتْ لَنَا حَدَّ النِّهَــايَة ؟! و أَيُّ أَقْدَارٍ هِذِهِ التِي تُجْبِرُنَا عَلَى قَتْلِ قُلُوبِنَا و اشْتِرَاءِ تَعَاسَتِنَا لأَجْلِ مَــادِّيَّاتِ الْحَيَاة السَّخِيفَة ؟! ثُمَّ أَخْبِرُونِي مَــا قِيمَة الْحيَاة الْمُغْرَقَة بالْمــادِيَاتِ دُونَ لَحْظَةِ سَعَادَةٍ وَاحِدَة ؟! لِمَاذَا نُصِرُّ عَلَى بَيْعِ أَنْفُسِنَا لأَجْلِ أَشْيَــاءَ لاَ تَسْتَحِقُّ حَتَى التَّفْكِير بِهَا ؟! لِمَـاذَا يَجِبْ أنْ نُعَرِّضَ أَنْفُسَنَا للفَشَلِ حَتَّى نُجَرِّبَ النَّجَــاحَ رُغْمَ إِدْرَاكِنَا الدَّاخِلِّي أَنَّنـَــا نُخْطِئ ؟! لِمَاذَا لاَ نَسْتَفِيدُ مِنْ تَجَارِبِ الآخَرِينَ ؟ لِنَكُونَ الْأسْعَدَ و الأعْقــل ؟! كَمْ نَحْنُ أَغْبِيَاء حَقــًـا ..
أرْجُوكُم حــاوِلُوا أَنْ تَفْهَمُوا أنَّ مَنْ بَاعَكُم للزَمَنِ سَيَبِيعُهُ الزَّمَنُ حَتْمًـا يَوْمًا مَا ، و لا تَجْعَلُوا حَيــاتَكُم رَهِينَةَ مــاضٍ غَبِيٍّ أوْ أُسْطُورَةٍ كــاذِبَة ،أَنْتُم أَعْقَلُ مِنْ ذَلِكَ ..