الاثنين، 14 ديسمبر 2009

أَبِي ..و الْغِيَــاب



أَبِي
قَطْرَةٌ مِنْ ضِيَــاءٍ
تُقَسِّمُ فِــيَّ الْمَرَايَا
و تُصْغِي لِقَلْبِي كَثِيــرًا
و تَمْنَحُنِي الأُغْنِيَاتْ

أَبِي
فِي الْغِيَابِ تَبُوحُ فَــرَاغــًا
و يَرْسِمُكَ الْوَجِدُ نَجْمًـا بَعِيــــدًا
تَرَاهُ بِعَشْرِ زَوَايــَا
و لاَ تَلْتَقِيكَ سِوَى وَاحِدَهْ

أَتَذْكُرُ حِيلَتَنَا يَــا أَبِي ؟
نَخَافُ مِنَ السَّيْرِ دُونَكَ
نَأْتِي نُصَلِّي وَرَائَكَ
فِي صَرْحِ مَسْجِدِنَا الْسَوْسَنِيِّ
الْحَزِينِ شِتَــاءً
فَيْطْرُدُنَا الشَّيْخُ حَيْثُ يُعِيدُ صَلاَةً
لَهَا رَكْعَــةٌ خَامِسَــهْ

كَـأَنَّكَ حِينَ ابْتَسَمْتَ بِوَجْهِي
تَلاَشَى الضَّيَاعُ و أَسْقَطَنِي فِيكَ
بَعْضُ التَّمَنِّي
و عُدْتُ لضحْكَتِكَ الْخَالِدَهْ

عَلَى قَمْحِ وَجْهِكَ نَطْبَعُ قُبْلَاتِنَا
كَيْ تَقُولَ : تَعَالَوا
فَنَصْعَدُ ذَاتَ يَمِينٍ و ذَاتَ شِمَالٍ
بِجَرَّارِكَ الْمُتَعَفِّرِ
فِي لَمْحَةٍ خَــاطِفَـهْ

نُحَاوِلُ لَمْسَ النَّخِيلِ
بِبُسْتَانِكَ الْمُتَنَاهِي
فَتَصْرُخُ : كَــلاَّ
و نَضْحَكُ أَنـَّـا نُعِيدُ ؛
لِنَسْمَعَ صَرْخَتَكَ الثـَّانِيَهْ

و صَوْتُ السَّوَاقِي يُصِيخُ
لِيُنْصِتَنَا نَتَغَنـَّى
بِلَيْمُونَةٍ وَاقِفَــهْ



أَبِي
لَمْ يَعُــدْ للثَّــعَالبِ حَقْلٌ
تُحَاوِلُ لَيْلاً بِأَنْ تَدْخُلَهْ

و لَنْ يَجِــدَ الْجَــارُ تَمْرًا ؛
لِيَفْرَحَ صَيْفـًا
و أَخْشَى عَلَيْهِ مِنَ الأَسْئِلَهْ

فَدَعْنِي
أُرَتِّلُ كَالصَّلَوَاتِ نِدَائَكَ
عَلَّكَ تُبْصِرُنِــي
سَــاجِدَهْ




رُقَــيَّــة الْـبريــدِي

الأحد، 29 نوفمبر 2009

[ أغْنِيَةُ الرَّمْـــــلِ ]


عَلَى هَدْأَةِ الرَّمْلِ أَنْفُضُ بَعْضِي
لِتَنـْبُتَ رُوحُ صَحَارِيكَ فِـيَّ
فَأَبْدُو كَأَنْتَ
تُحَاصِرُنِي الأُغْنِيَاتْ

كَانـُـوا يَقُولُونَ
أَنَّ التـَّـسَــابِيحَ قَلْبـِـي وَقَلْبُكَ
وَالأُحْجِيَاتْ..

عَلَى كَفِّ غَيْمِكَ أَغْفُو لِيَعْزِفَنِي
الْحُبُّ جَزْرًا وَ مَدّ..
لاَ ضَوْءَ يَغْسِلُنَا عَابـِرًا
لاَ زَنــابــِــقَ
لاَ تَمْتَمَـــاتْ

رَأَيْتـُكَ ذَاتَ غِيـَــابٍ
تـُحَلـِّقُ سِحْرًا عَلَى بُؤْبُؤَيَّ
وَ تـَحْـكِـي عَنِ الْــغَـــيْــمِ
وَ الْوَجْدِ
وَ الأُمْنِــيــاتْ

كَذَلِكَ كُنـَّا
وَ نَبْقَى نـُغـَـنـِّي عَلَى دَفْقَةِ الْغَــيْـبِ
بَعْضُ الْحَنِينِ إِلَيْـنــا
وَبَعْضُ التـَّرَجِّي
وَ بَعْضُ الصَّلاَةْ




رُقَــيَّة بنت سيف البريدي
2 نِيسان / إبريل 2009 م

بَـوْحٌ يُغَنِّي عَلَى وَتَـر..



تَمَـازَجَ اللَّيْــلُ مَعْ نَشْــوَى النُّجَيْمَاتِ
وَذَابَ صَبْـرِي عَلَـى بُعْـدِ الْمَسَــافَاتِ
فَـلاَ ظِـلاَلٌ بِـأَرْضِ الْحُــبِّ أُبْصِرُهَـا
و لاَ رَوَائِــحُ سَعْـدٍ فِـي مَحَطَّـــاتِي
لَـوْ تُمْطِــرُ الأَرْضُ قِنْــدِيلاً عَلَى أَلَمِي
لأَوْرَقَـتْ فِـي رُبَى الأَحْـــلاَمِ وَاحَـاتِي

*****

فُكَّتْ ضَفَــائِرُ مَجْـدِي بَعْدَمَـا انْبَجَسَتْ
فِي وَاحَـةِ الْقَـلْبِ رُوحٌ مِــنْ مُعَانَـاتِي
تَنَـاغَمَتْ تَمْتَمَـاتُ الأُفْــقِ فِي وَتَــرِي
إِيقَــاعُهَا لَمْ يَـزَلْ يَـرْوِي حِكَــايَـاتِيِ
يَــا أَيْهُــا الْغَسَـقُ الْمَطْلِـيُّ مِنْ شَجَـنٍ
هَـلاَّ بِشَمْــسٍ عَلـى مِـرْآةِ مِشْكَـاتِي ؟

*****

يُدَغْـدِغُ اللَّيْــلُ حُمَّى الْحُـبِّ مِنْ زَمَـنٍ
و مَــا اسْتَفَـاقَتْ عَلَـى تَرْتِيـل نَـايَـاتِي
و يُوقِــظُ الْفَجْــرُ أَوْجَـاعِي لِيَعْــزِفَهَا
أُنْشُـــودَةً هَطَلَـتْ فِيهَـا جِـرَاحَــاتِي
للبَــوْحِ بَيْنَ ثَنَـايَـا الْجُـرْحِ أغْنِيَـــةٌ
تَـرَاقَصـتْ فَـوْقَـهَـا رُوحِـي و آهَـاتِي

*****

كـأنَّمَا فِـي زَوَايَــا الشِّعْــرِ أَجْنِحَــةٌ
تَطِـيرُ حَيْـثُ الْهَــوَى يَجْتـَاحُ ثَـوْرَاتِي
أنَـا الَّتِــي نَسَجَـتْ أَحْـلاَمَهَـا أَمَــلاً
و أَغْـرَقَتْ بالْمُنَـى ظِــلَّ السَّمَـــوَاتِ
كـأَنِّنِي و الـنَّـدَى يَعْلُــو بِقَــافِيَتِـي
فَــرَاشَـةٌ أَعْلَنَتْ شَـرْعَ الْفَـرَاشَـاتِ

*****

سَمِعْــتُ ذَاتَ غِيَــابٍ أنَّ لِي حُلُـمًـا
و قَـدْ مَضَى خَلْفَــهُ سِـرْبُ الْحَمَامَـاتِ
و أَنَّنَــي فِي الْهَــوَى كَاللَّيْـلِ يُرْهِقُـهُ
مَـا خَبَّـأ الشَّـوقُ فِي قَلْـبِ النِّهَـايَـاتِ
سَأَلْـتُ عشْتَـارَ عَــنْ حُـبٍّ تُبَعْثِــرُهُ
فِـي غَيْهَبِ الْعِشْـقِ أَحْـلاَمُ ابْتِهَــالاَتِـي
و عَـنْ حَبِيـبٍ يُعِيــدُ الْوَجْـدَ أَضْـرِحَةً
و يَلْثــمُ الْمَوْتَ فِــي خَـدِّ الْجَمِيـلاَتِ
فَأَرْسَلَـتْ فِي الْمَـدَى الْمَشْحُـونِ أَخْيِلَـةً
تَسْتَنْطِـقُ الْحُبَّ مِــنْ سَمْـعِ النّـُبـُوَّاتِ


*****







رُقَيـَّة بِنْت سَيْـف بِن حُمُــود البُرَيْـدِي
20 تَمُوز / سِبْتَمْبَر 2007 م

الأحد، 22 نوفمبر 2009

عُزلَة ...


كثيرا ما أشعر بحاجة ملحة للعزلة ؛ بحثا عن صفاء ذهني أو أفق ممتد للتفكير السليم ، أو ربما لإعطاء الذات فرصة لاستعادة قناعاتها ورغباتها الجميلة ، بعيدا عن الآخرين محتكمة في ذلك بــ نيتشه إذ يقرر
( إن العزلة إلى حين ضرورية لاتساع الذات و امتلائها، فالعزلة تشفي أدواءها وتشدد عزمها ) و ذلك بالتأكيد له تأثير مباشر على الكتابة ‘ إذ توَلـِّـد العزلة رغبة داخلية لإطلاع الآخرين على مكنونات الذات العميقة فينعكس إيجابا على الكتابة لأنها تكون منفذا وحيدا ذلك الحين ..
و بغض النظر عن اختلاف رؤانا حول مفهوم العزلة ، إلا أن الأغلبية فِيما أحسب يتفقون أن العزلة تمثل بؤرة لإبداع الكاتب ، فأي منا عندما يشعر برغبة في الكتابة ، فإن أول ما يفكر به هو أن يجد لنفسه مكانا خاليا يلد فِيه أفكاره ..
و الغريب في الأمر أن البعض قد يري في العزلة الاجتماعية أو الثقافية متنفسا للذات بينما نجد من يعتقد أن عزلة الذات بحد ذاته متنفسا لها!
و لا أبالغ أبدا إن قلت أني أعيش أكثر من 70 % مع عزلتي لأنِي أكون أكثر هدوءً و صفاء ذهنِيًّا و سَعَادة ، و أعود فقط لألتقط من الحياة شيئا يولد داخلي رغبة في عزلة أخرى ..
و ما أجمل العزلة حين تكون كما قال عنها عدنان الصائغ :
(العزلة كتاب لا تقرأه إلا تحت مصابيح الآخرين)

" رقية البريدي"

انْـكــسَــــار الْغِيــــم



أَنَا يا بَحْــــرْ لُو تِدْرِي قصِيدَة صِرْتْ مَنْسِيَّهْ
عَلَى بابِ الشِّعِرْ أَوْقَفْ و تِطْرِدْنِي خَيَــالاَتهْ

أرِدّ تقُــولْ مِتْسَوِّلْ و طَالِب للحَشَــا مَيَّــهْ
و تِشْنِقْنِي حِبَـالَ الْغَدْرْ و تِرْمِينِي بِمَتَـاهَـاتَهْ

عَلَى خَدِّ السَّمَــا سَطَّرْتْ أَحْلاَمِي الرُومـانْسِيَّهْ
نِسِيتْ إِنَّــه الشَّمِعْ لاَ شَبْ يِخْنِقْ سِرْ وَمْضَــاتَهْ

طوَانِي هَالْغِيَــاب الْمُر و أَحْرَقْ مَــا بقَى فِيَّــهْ
و حَتَّى لَفْظِــة الآمَــال كَسَّرْهَــا عَلَى شفَـاتَـــه

يَا كِيف أَحْكِي و هَالأوْجَاع ع الأَشْعَـار مَبْنِـيَّـهْ
لهَـا تَــارِيخْ مِتْأصِّلْ ، صَعِب أَسْرِدْ حِكَــايَـــاتَــهْ

أَنَـا غِنْوِةْ صَحَـارِي و بِيـدْ و هَمْسِةْ لِيــلْ مَحْكِيَّهْ
و أَنَـا إللي مِنْ حَنِين الْغِيم كَتَبتْ الْوَجْدْ و أَبْيــاتَــهْ

أَشُوفْ الشَّمْس بِيْدينِــي و تِكْبَــر حِــيل مَضْــوِيَّــهْ
إِذَا سُـولَفْتْ عَنْ قَلْبِي و قَرِيتْ لِهَـــا رِسَــالاَتَــــهْ

تِجَــاوِبْنِي و أَنــا ألَمْلِــم بِقَــايَــا رُوحْ مَطْـفِيَّــــهْ
تَرَى دَربِ الْعِشِقْ أَعْمَى و مَــا تِرْحَــمْ مَسَــافَــاتـــهْ

و أَخْدَعْ خَــطْ عَبْرَاتِي و أَقُول الرُّوحْ مَرْضِيَّــهْ
مَــا دَامَهْ طَيِّبِ الْخَــاطِر و تُوصَلْنِي حَمَــامَــاتَـــهْ

و فَجْأة أَنْتِبِـهْ و أَصْحَى و دَمْعِي مَــاهُو بِشْوَيَّــهْ
عَلَى صًوتِ الْخِيَـانَه إللِي طَفَتْ مَعْ نَبْضْ هَمْسَــاتَــهْ

عَلَى هُونَكْ تِرَفَّقْ بِي و خِـذْ قُولِي عَلَى النِّيَّــهْ
و نِوِيتْ أَحْكِي عَشَــانْ الْحُبْ يِضْوِي فِيكْ شَمْعَــاتَهْ

أَسُولِفْ للقِــدَرْ عَـنِّــي و يِضْحَكْ شَــــامِتٍ بِيَّـــهْ
يِقُولْ الْحَــظْ و الأقْدَار تِضْربْ فِيكْ مَثْــلاَتَــهْ


رُقيَّــة البريــدي

السبت، 21 نوفمبر 2009

'طَرِيقُنَـا الْقُزَحِيُّ فِي خَطَر






قَبْلَ قَلِيلٍ كُنْتُ قَدْ قَرَّرْتُ أَنْ أُعِيدَ قِرَاءَةَ كِتَـاب " وَحْيُ الْقَـلَــم" لأُسْتَــاذِنَـا الرَّافِعِي ، عَمَلاً بِمَـا قَرأْتُـهُ للعَقَّادِ ( إن لَمْ تَخُنِّي الذَّاكِــرَة ) عِنْدَمَــا قَـال : ( أَنْ تَقْرأ كِتَـابًـا ثَلاَثُ مَرَّاتٍ خَيْرٌ لَكَ مِنْ تَقْرأ ثَلاَثَةَ كُتُبٍ مَرَّةً وَاحِدَ ) ، و دَعُونِي أَخْبِرُكُم الْحَقِيقَة لَمْ أُفَكِّر فِي إِعَــادَةِ قِرَاءَةِ كِتَـاب إِلاَّ لأَنِي لَمْ أَجِدْ كِتَـابًا جَدِيدًا فِي مَكْتَبَتِي لأَقْرأَهُ !

الْمُهِم فِي الأَمْر أَنِي كُلَّمَـا قَرأتُ لِشَيْخِ اللغَة ( الرَّافِعِي) أَتَذَكَّر كَوْمًا هَـائِلاً مِنَ الْقَضَايَا التِي يَغْفَلُهَـا الْمُجْتَمَع ، و التِي يَجُبُ أَنْ تُعْطَى حَقَّهَـا مِنَ الطَّرْحِ و التَّعْلِيق ، و مَـا قَفَزَ إِلَى ذِهْنِي الْيَوْمَ قَضِيَّةٌ أَرَّقَتْنِي كَثِيرًا ، و بَكَيْتُ بِسَبَبِهَـا مَرَّاتٍ عِدَّة !!

أَعْلَمُ أَنَّكُمْ تُرِيدُونَ مَعْرِفَةَ مَـا الذِي يُبْكِينِي مِنْ قَضَـايَـا الْمُجْتَمَع لِتَحْكُمُوا إِنْ كَـانَتْ تَسْتَحِقُ الْبُكَــاء أَمْ أَنَّهَا مُجَرَّدُ مُبَـالَغَةٍ فِي مَشَـاعِرِ امْرَأةٍ سَاذِجَةٍ سَرِيعَةُ الْبُكَــاء ، و لَــن أَتأخَّرَ عَلَيْكُم بالتَّــأكِيد . لَكِنْ دَعُونِي أَسْألُكُم أَعِزَّائِي الْقُرَّاء ، لِمَــاذَا يُفَكِّرُ طَـالِبٌ فِي الْمَدْرَسَة أَنْ يَنْجَحَ و يَلْتِحَقَ بإِحْدَى مُؤَسَّسَـاتِ التَّعْلِيم الْعَـالِي ؟َ!

اسْتَسْمِحُكُم عُذْرًا أَنْ أتَحَدَّثَ عَنْ نَفْسِي لأُجِيبَ عَنْ هَذَا السُّؤَال لِأسَاعِدَكُم فِي فَهْمِ أَنْفُسِكُم بِصِدْقٍ تــامٍ دُونَ مِثَـالِيَّات ، عِنْدَمَا كُنْتُ فِي الصَّفِ الأَوَّل الثـَــانَوِيّ قَبْلَ سَنَوَاتٍ عَدِيدَة أَذْكُرُ أَنَّ مُعَلِّمَةَ لُغَةٍ عَرَبِيَّةٍ سَمْرَاءَ جَمِيلَةٍ طَرَحَتْ عَلْيْنَــا سُؤَالاً لِتُمَهِّدَ دَرْسَ التَعْبِير ، كَــانَ سُؤَالُهَـا هُو السُّؤَالُ الْمَطْرُوحِ عَلَيْكُم الآن نَفْسُه ، بَدَا لَـنَـا السُّؤَالُ سَهْلٌ جِدًّا ، و عَلَتْ الأَصْوَاتُ طَلَبًـا للإجَــابَة ، بَيْنَمَـا كُنْتُ أُفَكِّرُ فِي إجــابَةٍ تَلِيقُ بِطَـالِبَةٍ مُمَيَّزَةٍ و مُتَحَدِّثَةٍ لَبِقَـــةٍ حَاصِلَةٍ عَلَى الْمَرْكَزِ الأوَّلِ ، و كَعَـادَةِ مُعَلِّمَتِنَـا فَرِحَتْ بالأيَـادِي النَّادِرَةِ ، و بَدَأَ سَيْلُ الإِجَـابَـاتِ ، لأَنِّي أُرِيدُ أَنْ أَكُونَ مُعَلِّمَـة .. لأَنِي أَرِيدُ أَنْ أَكُونَ طَبِيبَة .. لأَنِي أُرِيدُ أَنْ أَعْمَـل فِي الْمَكَـانِ الْفُلاَنِي ... الخ ، و كُنْتُ أُفَكِرُ و أَسْتَمِعُ باسْتِغْرَابٍ شَدِيد ، و أُرَاقِبُ انْفِعَـالاَتِ الْمُعَلِّمَـةِ الْمَخْبُوءَةِ و التِي بالتأكِيد تَخْشَى أَنْ نُلاَحِظَهَـا ، فَمِنْ غَيْرِ اللائِقِ أَنْ تَظْهَرَ ابْتِسَامَتُهَـا عِنْدَمَــا تَقُولُ طَالِبَةٌ رَاسِبَة فِي الْفَصْلِ و لا تُتْقِنُ الْقِراءَة و هِي بالصَّفِ الأَوَّلِ ثَـانَوِي : أَرِيدُ أَنْ أَكُونَ طَبِيبَةً أو مُهَنْدِسَةً !!

عِنْدَمَـا جَــاء أَخِيرًا دَوْرِ مُحَدِثَتِكُم (الطَّالبِة الأُولَى بالصَّف ) وَقَفَتُ بِصَمْت حَتَى سَكَتَ الْجَمِيع ثُمَّ قُلْتُ بِكُلِّ هُدُوء : أُرِيدُ أَنْ أَكُونَ زَوْجَةً و أُمًـا صَـالِحَــة ! و إذَا بالضَّحَكَــاتِ تَتَعَـالَى ، حَتَّى ضِحْكَةُ الْمُعَلِّمَة كَـانَتْ وَاضِحَةً جِدًّا ، حَـاوَلْتْ الْمُعَلِمَة أنْ تَتَلاَفَى الْمَوْقِف و تُسْكِتْ الطَّالِبَات عِنْدَمَـا شَعَرَتْ باسْتِغْرَابٍ مَمْزُوجٍ بالْغَضَب ، سألَتْنِي بَعْدَ أنْ هَدَأتْ الطَّالِبَات : كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ ؟ أَجَبْتُهَـا بِثِقَة تَـامَّـة يَقُولُ شَوْقِي :

الأُمُّ مَدْرَسَةٌ إِذَا أعْدَدْتَهَـا = أَعْدَدْتَ شَعْبًـا طَيِّبَ الأَعْرَافِ

و يَقُولُ نبِيُّنَـا مُحَمَد عَلَيْهِ الصَّلاَةُ و السَّلاَم : " اطْلُبوا الْعِلْمَ مِنَ الْمَهْدِ إِلَى اللحَدِ " صَدَقَ رَسُولُ الله ، و لِكَي أَكُونَ زَوْجَةً و أُمًّـا صَـالِحَةً يَتَوَجَّبُ عَلَيَّ أَوَّلاً طَـاعَةُ اللهِ و رَسُولِهِ ، و هَكَذَا تُبْنَى الْمُجْتَمَعَــاتُ الرَّاقِيَّة بِالعِلْمِ و الأخْلاق و الْمَبَـادِئ السَّامِيَّـة ، و أَعْتَقِدُ بأنَّهُ مِنَ الْعَيْب عَلَيْنَـا و نَحْنُ أُمَّةُ إِقْرأ أَنْ نُفَكِّرَ بالْعِلْمِ لأَجْلِ الْوَظِيفَة و الْحُصُولِ عَلَى الْمَــال .. حِينَهَـا حَظِيتُ بِتَصْفِيقِ الْجَمِيعِ ..

أَيُّهَـا الأَعِزَاء لَمْ أَكُنْ أَرُيِدُ تَصْفِيقًا ، فَقَطْ كَـانَ يَكْفِينِي أَنْ يُدْرَكَ الْمُجْتَمَعُ مَعْنَى مَــا أُرِيدُه ، فأكْثَر من 90% منَ الأشْخَـاص الذِينَ أُصَادِفُهُم يَتَعَلَّمُونَ لأَجْلِ الْوَظِيفَة ، وهَذَا مَـا يُفَسِّرُهُ انْخِفَـاض الْحَمَـاس فِي نُفُوسِ طُلاَبِ الْمَدَارِس عِنْدَمَـا بَدأتْ الدَّوَائِرُ الْحُكُومِيَّة بالاكْتِفَـاء بَعْدَ خُطَّة التَّعْمِين ، فَكَم مِنْ جــاهِلٍ سَمِعْتُهُ يَقُول مَـا فائِدَة شَهَـادَة عَلَى جِدَارِ الْبَيْت !!

أعْرِفُ تَمَـامًـا أَنَّ الشَّهَــادَة الْعِلْمِيَّة لَيْسَتْ تَقْييمًا للشَّخْص أَبَدًا ، و لَكِنَّهَـا بالتأكِيد دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الشَّخْصَ مُتَعَلِّمٌ فِي عَصْرٍ جَـائِرٍ كَهَذَا ، و كَمْ مِنْ عِظِيمٍ لَمْ يَحَظَ بِشَهَـادَة و لَكِنَّهُ أَثْبَتَ للمُجْتَمَع أَنَّهُ أَفْضَل بِكَثِير مِمَّنْ سَطَّرُوا شَهَادَاتِهم لِيُقَــال أَنَّهُمْ تَعَلَّمُوا ، و إِنْ جِئْتَ إِلَيْهِمْ وَجَدْتَهُم خَوَاء!!

و الْمُحْزِنُ فِي الأَمْر ِ ، سِيَاسَةُ إِغْلاَقِ بَعْضِ الأَقْسَامِ فِي الْجَـامِعَـاتِ و الْمُؤَسَّسَاتِ التَّعْلِيمِيَّة بِحُجَّةِ اكْتِفَـاءِ سُوقِ الْعَمَــل ، دُونَ مُرَاعَـاة للمُيُول و الاهْتِمَـامَـات الشَّخْصِيَّة للأفْرَاد .

يُؤْسِفُنِي جِدًّا أَنَّي وَاحِدَةٌ مِنْ ضَحَــايَـا هَذَا الزَمَــنِ الْعَجِيب و ذَلِكَ لِسَبَبَيْنْ : الأوَّل لأنِي مُقْتَنِعَةٌ تَمَـامًـا أَنَّ الْعِلْم لاَ يَجِب أَنْ يَتَوَقَّفَ بِشَهَـادَة ، و الثَّانِي لأنِي امْرأة !

سَأُخْبِرُكُم لِمَـاذَا أَقُولُ عَنْ نَفْسِي ضَحِيَّة ، فبَعْدَ أَنْ أَنْهَيْتُ دِرَاسَتِي الْجَـامِعِيَّة و بَدأتُ الْعَمَـلَ الذِي لَمْ أَكُن أَفَكِّرُ بِهِ إلاَ بَعْدَ إِلْحَـاحِ الْحَيَـاة ، كُنْتُ أُعِدُّ دِرَاسَةً فِي مَجَـالِ تَخَصُّصِي بِكُلِّ حَمَـاسٍ لأصِلَ إِلَى نَتِيجَةٍ مُرْضِيَة ، و بالتأكِيد كُنْتُ أَحْتـاجُ للمَرَاجِع و لِذَلِكَ أَرْتـادُ بَعْض الْمَرَاكِز الثَّقَـافِيَّة ، و أُحَـاوِرُ الْكَثِيرَ مِنَ الشَّخْصِيَّات الثَّقَـافِيَّة و الإعْلاَمِيَّة ، و فِي إحْدَى الْمَرَات طَلَبْتُ مِنْ أخِي أَنْ يُوصِلَنِي لإحْدَى الْجَـامِعَـاتِ نَظَرًا لأنِي امْرأةٌ و لاَ يُسْمَحُ لِي َأنْ أَقْطَعَ تِلْكَ المَسَافَة بالسَّيَـارَةِ وحَدْي ! بالطَّبع سَألِنِي : لِمَـاذَا ؟ أَخْبَرْتُهُ أَنَّ لَدَيّ بَحْثٌ و أَحْتَـاجُ للزِيَـارَةِ الْمَكْتَبَة و اسْتِشَارَةِ أَحَدِ الأَسَـاتِذَة ، مَـا كَـانَ مِنْهُ إلاَ أَنْ نَظَرَ إِلَيَّ بِغَضَبٍ عَجِيب قَـائِلاً : ( أحيدك مخلصة دراسة !! ) ، أذْكُرُ أَنِّي تألَّمْتُ يَوْمَهَـا كَثِيرًا و أُحْبِطَتْ مَعْنَوِيَّاتِي !

و ... و لاَ تَعْتَقِدُوا يَـا أِعِزَّائِي أَنِي أَلُومُهُ أَبَدًا ، فَلَيْسَ ذَلِكَ مَنْقَصَةً فِي فِكْرِهِ و أَنَـا أُقَدِرُ مَـا دَفَعَهُ لِذَلِكَ التَّفْكِير ، إِنَّهُ الرأيُ الْعَــام فِي مُجَتَمَعِنَـا ، و الْقَضِيَّةُ لَيْسَتْ مَحْصُورَةً عَلَيّ و أَخِي أَبَدًا و إِنَّمَـا تَشْمَلُ مُجْتَمَعًا يَغُطُّ فِي سُبَــاتٍ عَمِيقٍ .

أيْهُـا الأَفَاضِلُ الْعُقَلاَءُ .. اعْلَمُوا أَنِي هُنَـا لأَقُولَ : آنَ الأوَانُ لأَنْ نَرْتَقِي بِفِكْرِنَـا الْتَّعْلِيمِيّ و بِفِكْرِ أبْنَـائِنَـا ، و دَعُونَـا نَنْظُرُ مِنْ حَولِنَـا لِمُحَـاوَلَةِ إنْقَـاذِ مَـا تَبَقَّى مِنْ مَفَـاتِيحِ الْمُسْتَقْبَلِ الْمُشْرِقِ ، فالْيَدُ الوَاحدَةُ لاَ تُصَفِّق ، و أَرْجُوكُم رَجَـاءً حَـارًّا أنْ لاَ تَجْعَلُوا الْمَعْرِفَة وَسِيلَةً للمَــادِّيَّاتِ فَقَط ، و ابْحَثُوا فِي دَوَاخِلِكُمْ عَنْ أهْدَافَ تَرْتَقِي بِذَوَاتِكُم الْجَمِيلَة ،و صَدِقُونِي أنَّكُم سَتَصِلُونَ لأَسْمَى مَرَاتِبِ الرَّاحَة النَّفْسِيَّة ، و سَوْفَ تَتَخَلَّصُونَ مِنْ صَخَبِ الْحَيَـاة جَرْيًا وَرَاء الْمَـادَّة فِي الْوَقْتِ الذِي تَجِدُونَ فِيهِ الْمَـادِّيَـات خَـاضِعَةً لِسُمُوِّكُم الْفِكْرِي ، فَـاتِحَةً لَكُم أَبْوَابَهَـا الْمُتْرَفَة ،، و اللهُ مِنْ وَرَاءِ الْقَصْدِ يَهْدِي السَّبِيلَ ..

الأربعاء، 18 نوفمبر 2009

نزيف الرُّوح



عَلى خَدِّ السَّمَا بَنْثِر حُرُوفِي للجَمَال عتَابْ
و أطالِعْ مِنْ شَبَابِيكِي عَسَى تلفِي بدربي روحْ

و أسطر في دواويني حروفٍ دمعها منسابْ
و أردد لك قصيدي شوق ودمعٍ عالقٍ مفضوحْ

يدق الوَهم أبوابي و أنادي من ورا هالبابْ ؟
عساه يطل مجنوني ينور بابنا المفتوحْ

أخايل بسمتي ، و عيني يهدهدها دفا أحبابْ
أقوم أركض لصوت الريح يحطم خاطر المجروحْ

أبرجع للوفا قبطان ، و أسافر به بدون حسابْ
و أغنِّي للعشق قصة و ديوانٍ بها مشروحْ

و أحلامي أبيها تثور، و تنبت فوقها أصحابْ
و تعزفني سحايب حُب ،و تمطر من سناها بوحْ

أصلي للغرام يعود، و أوقف للعشق محرابْ
و في كفي أشيل الحب ، أضوي بالشموع صروحْ

أحن لشوفة الغالي ، أرجيها بدون أسبابْ
تعاتبني دروب الود ، أجاوبها بصدى مبحوحْ

محاطتي غدت عثرى ، خفوقي بداخلي قد شابْ
و روحي من رحيل الصمت تقاسي بصرخة المذبوحْ

مفاتيح الألم فيني يقفَّلها رجا كذابْ
و تلعب طفلة الأيام على تراب الهوى المسفوحْ

أنا وشْ عاد تنفعني مسافاتٍ كواها غيابْ
ترى كل الهوى بلوة و مواويلٍ تزف جروحْ

يجي هالليل يسألني يفتِّحلي خطاي كتابْ
و أقول آسف أنا الغلطان وقلي يالغلا مسموحْ

الاثنين، 9 نوفمبر 2009

إلَيْكَ يَتَوَسَّلُ الْقَلْب




دَعْنِي أَمُوتُ غَرِيبَةً
كَالْحُبِّ فِي قَامُوسِكِ الأبَدِيِّ
كَالأَحْلاَمِ فِي قَلْبِي
و مِثْلُ فَرَاشَةٍ حَطَّتْ عَلى أَسْرَارِنَا الْعَذْرَاءْ
****
كُلَّمَــا انْكفَــأ الصَّبَاحُ بِرَاحَتِي
نَسِيَتْ جُرُوحِي نَزْفَهَــا
و اسْتَلْقَتِ الأَطْيَافُ فَوْقَ الرَّمْلِ
تَعْزِفُنِي غِنَاءْ
****
لاَ ضَوْءَ فِي عَيْنَيْكَ يَـا أَبَتِي
ولا حَتَّى انْتِشَاءَةُ عَـاشقٍ
و أَرَاكَ مِثْل الغَيْمِ فَوقَ قَصِيدَتِي تَغْفُو
و تَحْلُمُ أَنَّنِي شَبَحٌ
و أَنَّ الْمَوْتَ ظِلِّي
و الْفَضَـاءُ عَبَـاءَتِي
و الْخَوْفُ و الْقَلَقُ الْمُعَتَّقِ بالبَنَفْسَجِ يَحْصُرَانِ مَدِينَتِي
و الرِّيحُ حَارِسِيَ الْوَحِيدْ
لمْ يَعُدْ قُزَحٌ عَلَى شَفَتِي لِيَعْزِفَنِي حَنِينْ ..
****
دَعْ عَنْكَ تَعْوِيذَاتِ هَذَا الْغَيْبِ
و اجْعَلْ وِجْهَتِي قَلْب الْحَقِيقَةِ و الصَّدَى
و اقْرَأْ تَرَاتِيلِي لِعِتْقِكَ مِنْ خُرَافَـاتِ الْمَسَــا
فأَنَــا هُنَــا رُوحٌ تَمَلَّكَهَـا النَّدَى
إِنِّي هُنَـا
أُمْسِي و أًصْبِحُ عِنَدَ مِقْصَلَةِ الْحُرُوفِ
و أَنْتَشِي إِنْ لاَمَسَ الْضَّوْءُ الْمَدَى


رُقَيَّة سِيف البريدي

الأحد، 8 نوفمبر 2009

عِنْدَمَا يَبْكِي الْقَدَرْ


مَا بَيْنَ سَارِيَةِ الأَحْزَانِ يَخْتَلِجُ
فَيُوقِظُ الأَمَلَ الْغَافِي و يَسْتَبِقُ

و يَمْتَطِي صَهْوَةَ اللَّيْلِ الْجَمِيلِ عَلى
حَنِينِ رُوحِكِ كَيْمَا يُبْحِرُ الأَرَقُ

هُنَاكَ قَبْلَ انْبِجَاسِ الرُّوحِ فِي لُغَتِي
مَوَاقِدٌ للأَسَى فِي الأُفْقِ تَأتَلِقُ

مَوَاطِنُ الْوَجْدِ تَرْبُو فِي مُخَيِّلَتِي
تَسْتَنْطِقُ الْحُبَّ ، إِنَّ الْحُبَّ يَخْتَنِقُ

يَلُفُّنِي الصَّمْتُ و الأَحْلاَمُ تَدْفِنُنِي
خَلْفَ السَّمَاءِ و قَدْ وَارَانِيَ الْشَفَقُ

لِي نَظْرَةٌ مِنْ جَنَاحِ الْوَرْدِ أُرْسِلُهَا
لِتَحْمِلَ الدَّمْعَ بَوْنًا حَيْثُمَا الْعَبَقُ

الْحَرْفُ يُطْفِئُ أَوْجَاعِي .. يُضَمِدُهَا
و يَنْحَتُ الْبُعْدَ تِمْثَالاً ، فَيَحْتَرِقُ

لِي قِبْلَتَانِ ..و مِحْرَابٌ و مِسْبَحَةٌ
و فِي رِحَابِكِ أُفْقٌ مِنْهُ أَنْطَلِقُ

أَبْوَابُه جَنَّةٌ ، مِفْتَاحُهُ ألَمٌ
مَا بَيْنَ ذَاكِرَةِ الأَيَّامِ يُخْتَلَقُ

عَلى زَوَايَاكِ آيَاتٌ مُعَلَّقَةٌ
و تَنْفُثُ النُّورَ عَيْنٌ هَدَّهَا الْغَسَقُ

خَيَالُكِ النِّرْجِسِيُّ اللَّوْنِ يَغْسِلُنِي
مَا دَامَ سَيْفٌ مِنَ الآمالِ يُمْتَشَقُ

فِي رَاحَتَيْكِ يَنَامُ الْحَرْفُ مُبْتَسِمًا
وَ حَارِسٌ يَقظٌ غَنَّى لَهُ الْحَدَقُ

أسْطُوَرةٌ أنْتِ و النَّايَاتُ تَعْزِفُهَا
مَا أعْذَبَ الشِّعْرَ شَلاَّلاً سَيَنْدَفِقُ

صَوْتُ الْقَنَادِيلِ، أَنْفَاسُ الْغُيُومِ ،سَرَتْ
فِي نَاظِرَيَّ و نُورُ الْفَجْرِ يَنْبَثِقُ

عُصْفُورَةٌ رَقَصَتْ فِي رُكْنِ قَافِيَةٍ
و الوَجْدُ يَرْقُبُهَا و الشَّوْقُ و الْقَلَقُ





رُقَيَّــة سَيْف حُمُود البرَيْـدِي

جُــثــَّـــــــة ...





عِنْدَمَا نَشُمُّ رَوَائِحَ الْخِيَانَةِ خَلْفَ نَوَافِذِنَا
حِينَهَا نُفَكِّرُ أَيْنَ نُوَارِي جُثَّةَ الْحُبِّ
حَتَّى الظِّل طُمِسَتْ مَلاَمِحُهُ
الَّذِي تَبَقَّى هُنَا مِلْعَقَةٌ صَغِيرَةٌ مِنَ الْمَوْت
و بَعْضُ الْمَتَاهَاتْ

بَحَثَ و لَمْ يَجِدَ رِوَايَتَهُ الَّتِي
يَقْرَؤُهَا كُلَّ مَسَاء
النِّهَايَة مِشْنَقَةٌ حَوْلَ رَقَبَتِهِ
لَعَلَ الْقَدَرَ يُصَافِحُهُ يَوْمًا

أَوْرَاقُ الشَّمْسِ تَنْطَوِي كُلَّ يَوْمٍ
آلاَفَ الْمَرَّاتْ
و يَنْشُرُهَا الْحُبُّ
مَرَّةً وَاحِدَةً فِي الْحَيَاة و ... فَقَطْ

بَيَاضٌ حَدَّ الْخَوْفِ
و أَشْبَاهُ الْفَوَاصِلِ تَصْعَدُ بَعِيدًا
فِي كِلِّ سَمَاء
قَطَرَاتُ التُّرَابِ
تَجْعَلُهَا تَعُودُ حَيْثَ الْمَطَرِ

رُبَّمَا
لَنْ نَحْتَاجَ لِصَمْتٍ جَدِيدٍ
و لَنْ نَجِدَ مَسَافَاتٍ
تَجْعَلُنَا نَقْتَرِب
حَسْبُنَا أَنَّنَا نَشْعُرُ بالْبَيَاضِ
و نُدْرِكُ بِأَنَّ الْحَيَاةَ
خُلِقَتْ لَنَا وَحْدَنَا

قَالَتْ : دَعْنَا نَنْفُضُ أَرْوَاحَنَا حَيْثُ اللاَّوَجَع
قَالَ : لَيْسَ قَبْلَ أَنْ تَمْتَلئَ الْمَدِينَةُ بالدُّمُوعِ

لَمْ يَعُدْ بُكَاءُ الأَطْفَالِ يُقْلِقُنَا كَثِيرًا
طِفْلُنَا الْوَحِيد
لَنْ يَبْكِي بَعْدَ الْيَوم
فَقَدْ أَصْبَحَ جُــُثـَّــة !


الْعَلاَقَات الإِنْسَانِيَّة .. إِلَى أَيْن ؟




كَثِيرًا مَا يَشْغَلُنِي التَّفْكِيرُ فِي الْعَلاَقَاتِ الإِنْسَانِيَّة فِي مُجْتَمَعِنَا الْعَرَبِي عَامَّة و الْخَلِيجِيّ خَاصَّة ، و للأَسَفِ الشَّدِيد مَا نَزَالُ نَجْهَلُ طَبِيعَةَ الْعَلاَقَات الإِنْسَانِيَّة ، و كَيْفَ يَجِبُ أَنْ تَكُون ، رُبَّمَا لأَنَّنَا لاَ نَجِدُ وَقْتًا لِفَهْمِ احْتِيَاجَاتِ الآخَرِين ، أوْ عَلَى الأَرْجَح لأَنَّنَا نِعِيشُ فِي زَمَنِ الْمُفَارَقَات الْكَبِيرَة ، حَيْثُ لاَ تُوجَدُ حَبْل وَثِيق بَيْنَ الأجْيَال !
كُلُّنَا نُدْرِكُ مَدَى التَّغَيُّرَاتِ السَّرِيعَةِ التِي حَدَثَتْ خِلاَل السَنَواتِ الْقَلِيلَةِ الْمَاضِيَة ، و التِي أَظُنُّهَا أحَدَ الأَسْبَابِ التِي أَدَّتْ إِلَى قَطْعِ أَوْصَالِ مُجْتَمَعِنَا الْخَلِيجِيّ ؛ لِتَظْهَرَ لَدَيْنَا الدَّوَائِرَ الْمُخْتِلِفَة التِي قَدْ نَجِدُ أَنْفُسَنَا دَاخِلَ دَائِرَةٍ مِنْهَا بِقَصْدٍ أَوْ دُونَ قَصْد ، فَعَلى سَبِيلِ الإِيضَاحِ قَدْ يَكُونُ الْوَاحِدُ مِنَّا فِي بِدَايَةِ حَيَاتِهِ مُنْخَرِطًا فِي عَائِلَتِهِ و عَلاَقَاتِهِ الأُسَرِيَّة بِشَكْلٍ يَجْعَلُهُ قَرِيبًا مِنْ كُلِّ أَفْرَادِهَا ، و مَا أَنْ يَبْتَعِدَ عَنْ مُحِيطِ عَائِلَتِهِ حَتّى يَجِدُ نَفْسَهُ فِي دَائِرَةٍ أَخْرَى إِمَّا أَنْ تَكُونَ الأَصِدِقَاء ، أو رُبَّمَا زُمَلاَءُ دِرَاسَتِهِ ، أو حَتَّى بَعْضُ الْمُشْتَرِكِينَ مَعَهُ فِي الْمُيُولِ و الاهْتِمَامَات ، فِي حِينْ يَبْدَأ بالانْفِصَال التَدْرِيجِي اللاوَاعِي مِنْ دَائِرَة الأُسْرَة ، لِيَجِدَ نَفْسَهُ بَعِيدًا كُلَّ الْبُعِدِ ، و غَيْر قَادِر عَلَى اسْتِيعَابِهِم كَمَا يَنْبَغِي عِنْدَمَا يُفَكِّرُ بالْعَوْدَةِ إِلَيْهِم ، و هَكَذَا نَعِيشُ فِي حَالَةِ اللاتَوازُن فِي عَلاَقَاتِنَا الإِنْسَانِيَّة باخْتِلاَفِ مُسْتَوَيَاتِهَا .

و مَا يَزِيدُ الأَمْرُ سُوءً عَدَم فَهْمِنَا لِمَاهِيّة أو طَبِيعَة الْعَلاَقَة الْقَائِمَة ، حَيْثُ نَدْخُلُ فِي مُغَالَطَاتٍ كَثِيرَة لاَسِيَّمَا فِي يَخْتَصُّ بِالْعَلاَقَاتِ الإِنْسَانِيَّة بَيْنَ الْجِنْسَيْن ، لِنَدْخُلَ فِي مَتَاهَاتٍ كَبِيرَة لاَ طَائِلَ لَهَا ، و سَوْفَ نِجِدُهَا مُغَلَّفَةً بِأُطُرٍ دِينِيَّة أو أَعْرَافٍ و تَقَالِيدَ رُبَّمَا يُسَمِّيهَا الْبَعْضُ مِنَّا مَبَادِئ !
و الْحَقِيقَةُ أَنَّ ذَلِكَ نَابِعٌ مِنْ عَدَمِ وَعي الْمُجْتَمَع بشَكْلٍ عَامٍّ، لأَهِمِيَّة الاتِّصَالِ الإنْسَانِيّ ، سَواء كَانَ عَلَى صَعِيدِ الْفَرْدِ أو الأُسْرَة أو الْمُجْتَمَعِ ، و جَهْلِنَا بالضَّوَابِط و الْفَواصِلَ بَيْنَ عَلاَقَةٍ و أُخْرَى ، فَعَلى سَبِيلِ الْمِثَالِ نَحْنُ نَجِدُ مَنْ يُطَالِبُنَا بأنْ تَكُونَ عَلاَقَةُ الأمِّ و الأَبِ بأبْنَائِهِمَا عَلاَقَةُ صَدَاقَةٍ مَثَلاً حَتَّى يَسْتَطِيعا الْوُصُول بِشَكْلٍ صَحِيح لِأَبْنَائِهِمَا ، و لَكِنْ هَذَا لاَ يَعْنِي أَبَدًا أن يَتَنَاسَى الأبْنَاءُ الأسَاسَ الأوَّل الذِي انْبَنَتْ عَلَيْهَ هِذِهِ الْعَلاَقَة و إِلاَّ وَجَدْنَا تَجَاوُزَاتٍ كَثِيرَة أَدَّتْ إِلَى خَلَلٍ مَلْحُوظ، و هَكَذَا الْحَالُ نَفْسُه فِي عَلاَقَاتِ الصَّدَاقَة و الزَّمَالَة و الأُخُوَّة و غَيْرِهَا .
إِذَنْ يَتَوَجَّبُ عَلَيْنَا أَنْ نَرْسِمَ فِي مُخَيِّلَتِنَا مِقْيَاسًا لِنُوَازِنَ بَيْنَ عَلاَقَاتِنَا الْمُخْتَلِفَة ، و أنْ نَضَعَ الْفَواصِلَ الصَّحِيحَة بَيْنَهَا ، بِحَيْث نَسْتَوْعِبُهَا بالشَّكْلِ الْمُنَاسِب لِمَا نَطْمَحُ إِلَيْهِ ..و فَّقَنَا الرَّحْمَنُ لِمَا يُحِبُّ و يَرْضَى .



رُقَيَّـــة الْبـرَيْــدِي

تَفْكِيرٌ بِصَوْتٍ مَسْمُوعٍ







عِنْدَمَا نَخْتَارُ مُرُاجَعَةَ أَنْفُسِنَا ، فَذَلِكَ أَجْمَلُ بِكَثِيرٍ مِنْ أَنْ يَطْلُبَ الآخَرُونَ مِنَّا ذَلِكَ بِطَرِيقَةٍ مَا ، حَتْمًا نَحْنُ بِحَاجَةٍ لاسْتِعَادَةِ ذَوَاتِنَا الْغَائِبَة و تَجِدِيدِ الثِّقَةِ بِهَا بَيْنَ شَهْرٍ و آخَرٍ عَلى الأَقَلِّ !
و لَكِنْ مَاذَا يُمْكِنُنَا أَنْ نَفْعَلَ عِنْدَمَا نَكْتَشِفُ بِأَنَّنَا قَدْ خَطَوْنَا خُطْوَةً خَاطِئَةً ؟
الْكَثِيرُون مِنَّا يُكَابِرُونَ و يَرْفُضُونَ أَنْ يَرْجِعُوا للخَلْف ، إِمَّا أَنْ يُواصِلُوا الْمَسيرَ حَتَّى النِّهَايَة الَّتِي يَكْرَهُونَهَا ، أَو رُبَّمَا يَتَجَاهَلُونَ خُطْوَتَهُم تِلْكَ و لاَ يُصَحِّحُونََهَا كَمَا يَنْبَغِي و يَقْفِزُونَ للخُطْوَةِ التَّالِيَة ، و هُم فِيمَا أَحْسب الأغْلَبِيَّة مِنَّا ، و الْقِلَّة الْبَاقِية قَدْ يَتَرَاجَعُونَ و يَعْتَرِفُونَ بأَخْطَائِهِم و هُم يُخْفُونَ رُؤُوسَهُم تَحْتَ أَجْنِحَتِهم ؛ خَجَلاً مِنَ الآخَرِينَ ، و حِفَاظًا عَلى انْكِسَارَاتِهِمْ مِنْ أَعْيُنِ النَّاس !

أَعْتَقِدُ بِأَنَّ الأصلَ فِي أَيِّ خَطأ إنَّمَا هُو نَاتِجٌ لِعَدَمِ إِدْرَاكِنَا لِذَوَاتِنَا و لِحَاجَاتِهَا كَمَا يَجِب ، و لِذَا فِإنَّ الْخَطأ فِي حَقِّ الآخَرِينَ لاَ يَنْتُجُ إِلاَّ عن خطأ دَاخِليّ بِحَقِّ أَنْفُسِنَا ، و الدَّلِيلُ عَلى ذَلِكَ مَا نَشْعُرُ بِهِ مِنْ قَلَقٍ و تَوَتُّرٍ عِنْدَمَا نَكْتَشِفُ ذَلِكَ الإِخْفَاق ؛ لِذَلِكَ يَجْبَ عَلَيْنا أَنْ نَطْرَحَ عَلَى أَنْفُسِنَا عِدَّةَ أَسْئِلَةٍ قَبْلَ اتْخَاذِ خُطْوَة جَدِيدَة نَحْوَ الآخَرِينَ ، مَاذَا نُرِيدُ ؟ و لِمَاذَا نُرِيدُ ذَلِكَ ؟ و كَيْفَ نَصِلُ لِمَا نُرِيدُ بالطَّرِيقَةٍ لا نَنْدَمُ عَلَيْهَا ؟

نَحْنُ الْوَحِيدُونَ نَمْلُكُ قِيَادَةَ ذَواتِنَا كَمَا نُحِبُّ أَنْ تَسِير، فالْمَخْزُونُ الَّذِي لَدَيْنَا مِنَ الْقُدُرَاتِ و الطَّاقَاتِ لَيْسَ هَيْنًا ، و لاَ يَنْقُصُنَا سِوَى أَنْ نَسْتَثْمِرَهُ لأَجْلِنَا عَلى الأَقَل إِنْ لَمْ يَكُن لأَجْلِ الآخَرِينَ الَّذِينَ يَنْتَظِرُونَ مِنَّا ذَلِكَ ، و يَجُبُ أَنْ نَكُونَ عَلَى يَقِينٍ بمَا قَالَهُ رالف والْدُو " مَا يُوجَدُ أَمَامَنَا ، و مَا يُوجَدُ خَلْفَنَا يُعَدُّ ضَئِيلاً جِدًّا إِذَا قَارَنَّاهُ بِمَا يُوجدُ بِدَاخِلِنَا " .

و هُنَا نَصِلُ إِلَى نُقْطَةٍ مُهِمَّةٍ و هِي مُرَاجَعَةُ النَّفْسِ ، و هِي بِدَايَةُ كُلِّ تَغْيير ؛ لأَنَّنَا نَعُودُ للأَرْيَحِيَّة التِي نَحْتَفِظُ بِهَا فِي ذَاتِنَا ، و نَسْأل أَنْفُسَنَا عَنْ مَدَى الرِّضَى عَنْهَا ، و مِنْ هُنَا نَبْدأُ الْتَّغْيِير ، قَالَ تَعَالَى : "إنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ" (الرعد 11 ).

مَا أُرِيدُ أَنْ أَصِلَ إِلَيْهِ هُنَا هُوَ أَنَّ الْخَطَأ بِحَدِ ذَاتِهِ لَيْسَ عَيْبًا ، و مَنْ الْمَعْصُومُ مِنَّا ؟! و لَكِنَّ الْعَيْبَ أَنْ نَخْجَلَ مِنْ اعْتِرَافِنَا بِهِ أَوْ أَنْ نَجْهَلَ مَصْدَرَهُ ، و الطَّرِيقَة الْمُثْلَى لِتَجَاوُزِهِ دُونَ قَلَقٍ و تَوَتُّرٍ ، و شَيء آخَرٌ لاَ يَجِبُ أَنْ أَنْسَى ذِكْرَهُ ،و هُو احْتِرَافُ الاعْتِذَار للآخَرِينَ دُونُ تَكَلُّفٍ أو خَجَل ، و اللهُ مِنْ وَراءِ الْقَصْدِ يَهْدِي السَّبِيلَ ..




رُقَيَّـــة الْبـرَيْــدِي

هَلْوَسَّــة حَيَــاتِيَّــة


رُ بَّمَا لَنْ يَكُونَ هُنَالكَ مُتَّسَعٌ للنِّهَايَاتِ الْحَزِينَة
رُبَّمَا لَنْ نَسْتَطِيعَ عَقْدَ صُلْحٍ بَيْنَ اللَّيْلِ و النَّهَار حَتَّى يُعْلِنَ الضَّبَابُ أَنَّهُ فَقَدَ هَيْبَتُه

قٌلْتُ ذَاتَ غِيَاب أَنَّ للدُّمُوعِ حَدِيثَهَا الْخَاص
و لَكَن لَنْ يَكُونَ هُنَالِكَ حَدِيثٌ للدُّمُوعِ وَسْطَ الابْتِسَام
لأَنَّهَا بالتَّأكِيدِ سَتُفَضِلُ الصَّمْتَ

اوووووووووووووه

يُضْحِكُنِي كَثِيرًا عَبَثُ الأَصَابِعِ بالْحُرُوفِ
عِنْدَمَا لاَ تِجُدُ مَا تَقُول

و لَكِنَّهَا تُصِّرُ عَلَى التَّمَرُّدِ

دَعْكُم مِنْهَا

سَأُخْبِرُكُم عَنْ أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ أُحِبُّهَا
عَنْ الْسَّعَادةِ ، الأمَلِ ، التَّفَاؤُلِ ، و الْمَوْتِ

نَعَم الْمَوت

الْمَوْتُ جَمِيل

و يَسْتَحِقُ أَنْ أُخْبِرَكُم عَنْهُ

أَقْصِدُ طَبْعَا الْمَوْتُ لِأَجْلٍ مَبْدَأ مَا

كُلُّ الأَشْيَاء الْجَمِيلَة تجْلِبُ السَّعَادة
الأَغْبِياء - فَقَط – يَحْصرونَهَا فِي الْمَاءِ و الْخُضْرَةِ و الْمَحْبُوب!!
لاَ تَسْتَمِعُوا إِلَيْهِم لأَنَّهُم لاَ يُتْقِنُونَ فَنَّ السَّعَادَة
قُلْتُ لَكُم أَنَّهُم أَغْبِيَاااااااااااااااااء

و الأَمَلُ هُوَ الْعَصَى السِّحْرِيَّة الَّتِي تَجْلِبُ الْجَمَال
و لَهُ تَوْأَمٌ يُشْبِهُهُ كَثِيرًا ولِدَا مِنْ رَحِمِ الْبَيَاض

إِنَّهُ التَّفَاؤُل


سُئِلْتُ مَرَّةً عَنْ مَا إِذَا كُنْتُ مِمَّنْ يُقَدِسُونَ الْمَبَادِئ

أَحْسَسْتُ بالإحْرَاجِ لأَنَّنِي قَدْ أُتَّهَمُ بِالتَّخَلُفِ
و لَكِنِّي صَادِقَة مَعَ نَفْسِي كَثِيرًا قَبْلَ الآَخَرِين

أنَا فِعْلاً أُقَدِّسُ مَبَادِئِي
و مُسْتَعِدَّةٌ للمَوْتِ و الانْطفَاءِ لِأَجْلِهَا


لا أَعْلَمُ لِمَاذَا !!

و لَـكِنِّي كَذَلِكَ !

حَاوِلَ بَعْضُهُم كَثِيرًا لِتَغْيِيرِ أَشْيَاء تَخُصُّنِي
و لَكِنِّ أَبْتَسِمُ بِسُخْرِيَّة
تَجَنُّبًا للْوِحْدَة !

مَـا بَعْثَرَتْـهُ الصَّحْرَاء




مَـا بَعْثَرَتْـهُ الصَّحْرَاء


هُنَــا سَكَنَــاتُ الْرِّيِحِ و اللَّيْـــلُ زَاهِـدُ
تُعَرِّي سَمَاءَ الرُّوحِ و الْخَوفُ شَـاهِدُ
تَمُــــرُّ بِأصْفـــادِ النَّـيَـازِكِ تَـنْــتَـشِـي
و كُــلُّ زَوَايـَـا الْغَيْبِ صَمْــتًا تُـــرَاوِدُ
أَلَمْ يَقُـــلِ الْبَـاكُونَ خَلْـــفَ غَمَـامِــهمْ
بأَنَّ صَهِيلَ الدَّمْــعِ للْقَلْبِ عَـائِــدُ؟!
و أَنَّ أَيــادِي النِّرْجِــسَـاتِ تَخَـاذَلَــتْ
فَلَمْ يَبْـقَ غَيْرُ الْبُؤْسِ للحُبِّ سَـاجِـدُ؟
تَمُــــرُّ بِأصْفـــادِ النَّـيَـازِكِ تَـنْــتَـشِـي
و كُــلُّ زَوَايـَـا الْغَيْبِ صَمْــتًا تُـــرَاوِدُ
أَلَمْ يَقُـــلِ الْبَـاكُونَ خَلْـــفَ غَمَـامِــهمْ
بأَنَّ صَهِيلَ الدَّمْــعِ للْقَلْبِ عَـائِــدُ؟!
و أَنَّ أَيــادِي النِّرْجِــسَـاتِ تَخَـاذَلَــتْ
فَلَمْ يَبْـقَ غَيْرُ الْبُؤْسِ للحُبِّ سَـاجِـدُ؟
***
عَلَى كَتِــفِ الصَّحْرَاءِ تَغْفُـو مَدَائِـنٌ
و تَصْحُو بأحلامِ النَّدَى وهُوَ شَـارِدُ
تُؤَرِقُهَــا الأَطْيَـافُ و الْشَّوْقُ مُفْرِطٌ
و تَغْزِلُهَـا الأقْــــدَارُ و الْحُزْنُ وَاحِدُ
لَقَدْ خَطَّ سَهْـمُ الزَّيْـفِ أَوْتَـارهَـا الَّتِـي
لِوَقْـعِ الْرَّدَى تُصْغِي و حِينًـا تُعَــانِــدُ
تَلاَشَتْ بَيَــاضًا و النَّـيَاشِينُ حَوْلَـهَــا
و فِي غَيْهَبِ الأوْجَــاعِ بَــاتَتْ تُكَــابِدُ
فَمَا عَــادَ ضَوْءٌ فِي الْفَضَـاءَاتِ عَابرٌ
و مَــا أَحْسَبُ الأَرْوَاحَ فِيهَــا تُشَاهَـدُ
***
تَمَهَّلْ و لاَ تُغْـرِيــكَ نَشْــوَةُ سـَـاعَــةٍ
فَسُرْعَـانَ مَـا يُطْفِي انْتِشَـاءَكَ حَاسِدُ
فإنْ هِــي أَوْتَـارُ الْحَـيَـاةِ تَشَــابَكَـــتْ
فَلَيْــسَ لِنَــايٍ يَـا صِدِيــقِي مَـكَـائِـدُ
فَذِي همَسَــاتُ الْغَيْبِ تُوحِي لِعَــاشِقٍ
يَبَاتُ و لَفْـحُ الْحُبِّ فِي الْقَلْـبِ خَــالِـدُ
أَلاَ أَيُّهَا الْمَصْلُوبُ فِي هَــالَةِ الْمَــدَى
لَقَدْ آنَ أَنْ تَصْحُــو ؛ فَحُبُّـكَ صَــامِدُ
وأنْ تَسْتَعِيدَ الْرُّوحَ مِنْ سِفْرِ كـاهِنٍ
و تَنِسَى بِـأَنَّ اللَّـيْلَ للنَّجْــمِ عَــابِــدُ
هِيَ الأُغْنِيَاتُ الْبِيَضُ و الْيأسُ مَـاطِرٌ
تُظِـــلُّ فُتَاتَ القَمْـحِ والظِّــلُ نَـافِــدُ
***

رُقَيَّة سِيف البريدي