الأحد، 8 نوفمبر 2009

تَفْكِيرٌ بِصَوْتٍ مَسْمُوعٍ







عِنْدَمَا نَخْتَارُ مُرُاجَعَةَ أَنْفُسِنَا ، فَذَلِكَ أَجْمَلُ بِكَثِيرٍ مِنْ أَنْ يَطْلُبَ الآخَرُونَ مِنَّا ذَلِكَ بِطَرِيقَةٍ مَا ، حَتْمًا نَحْنُ بِحَاجَةٍ لاسْتِعَادَةِ ذَوَاتِنَا الْغَائِبَة و تَجِدِيدِ الثِّقَةِ بِهَا بَيْنَ شَهْرٍ و آخَرٍ عَلى الأَقَلِّ !
و لَكِنْ مَاذَا يُمْكِنُنَا أَنْ نَفْعَلَ عِنْدَمَا نَكْتَشِفُ بِأَنَّنَا قَدْ خَطَوْنَا خُطْوَةً خَاطِئَةً ؟
الْكَثِيرُون مِنَّا يُكَابِرُونَ و يَرْفُضُونَ أَنْ يَرْجِعُوا للخَلْف ، إِمَّا أَنْ يُواصِلُوا الْمَسيرَ حَتَّى النِّهَايَة الَّتِي يَكْرَهُونَهَا ، أَو رُبَّمَا يَتَجَاهَلُونَ خُطْوَتَهُم تِلْكَ و لاَ يُصَحِّحُونََهَا كَمَا يَنْبَغِي و يَقْفِزُونَ للخُطْوَةِ التَّالِيَة ، و هُم فِيمَا أَحْسب الأغْلَبِيَّة مِنَّا ، و الْقِلَّة الْبَاقِية قَدْ يَتَرَاجَعُونَ و يَعْتَرِفُونَ بأَخْطَائِهِم و هُم يُخْفُونَ رُؤُوسَهُم تَحْتَ أَجْنِحَتِهم ؛ خَجَلاً مِنَ الآخَرِينَ ، و حِفَاظًا عَلى انْكِسَارَاتِهِمْ مِنْ أَعْيُنِ النَّاس !

أَعْتَقِدُ بِأَنَّ الأصلَ فِي أَيِّ خَطأ إنَّمَا هُو نَاتِجٌ لِعَدَمِ إِدْرَاكِنَا لِذَوَاتِنَا و لِحَاجَاتِهَا كَمَا يَجِب ، و لِذَا فِإنَّ الْخَطأ فِي حَقِّ الآخَرِينَ لاَ يَنْتُجُ إِلاَّ عن خطأ دَاخِليّ بِحَقِّ أَنْفُسِنَا ، و الدَّلِيلُ عَلى ذَلِكَ مَا نَشْعُرُ بِهِ مِنْ قَلَقٍ و تَوَتُّرٍ عِنْدَمَا نَكْتَشِفُ ذَلِكَ الإِخْفَاق ؛ لِذَلِكَ يَجْبَ عَلَيْنا أَنْ نَطْرَحَ عَلَى أَنْفُسِنَا عِدَّةَ أَسْئِلَةٍ قَبْلَ اتْخَاذِ خُطْوَة جَدِيدَة نَحْوَ الآخَرِينَ ، مَاذَا نُرِيدُ ؟ و لِمَاذَا نُرِيدُ ذَلِكَ ؟ و كَيْفَ نَصِلُ لِمَا نُرِيدُ بالطَّرِيقَةٍ لا نَنْدَمُ عَلَيْهَا ؟

نَحْنُ الْوَحِيدُونَ نَمْلُكُ قِيَادَةَ ذَواتِنَا كَمَا نُحِبُّ أَنْ تَسِير، فالْمَخْزُونُ الَّذِي لَدَيْنَا مِنَ الْقُدُرَاتِ و الطَّاقَاتِ لَيْسَ هَيْنًا ، و لاَ يَنْقُصُنَا سِوَى أَنْ نَسْتَثْمِرَهُ لأَجْلِنَا عَلى الأَقَل إِنْ لَمْ يَكُن لأَجْلِ الآخَرِينَ الَّذِينَ يَنْتَظِرُونَ مِنَّا ذَلِكَ ، و يَجُبُ أَنْ نَكُونَ عَلَى يَقِينٍ بمَا قَالَهُ رالف والْدُو " مَا يُوجَدُ أَمَامَنَا ، و مَا يُوجَدُ خَلْفَنَا يُعَدُّ ضَئِيلاً جِدًّا إِذَا قَارَنَّاهُ بِمَا يُوجدُ بِدَاخِلِنَا " .

و هُنَا نَصِلُ إِلَى نُقْطَةٍ مُهِمَّةٍ و هِي مُرَاجَعَةُ النَّفْسِ ، و هِي بِدَايَةُ كُلِّ تَغْيير ؛ لأَنَّنَا نَعُودُ للأَرْيَحِيَّة التِي نَحْتَفِظُ بِهَا فِي ذَاتِنَا ، و نَسْأل أَنْفُسَنَا عَنْ مَدَى الرِّضَى عَنْهَا ، و مِنْ هُنَا نَبْدأُ الْتَّغْيِير ، قَالَ تَعَالَى : "إنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ" (الرعد 11 ).

مَا أُرِيدُ أَنْ أَصِلَ إِلَيْهِ هُنَا هُوَ أَنَّ الْخَطَأ بِحَدِ ذَاتِهِ لَيْسَ عَيْبًا ، و مَنْ الْمَعْصُومُ مِنَّا ؟! و لَكِنَّ الْعَيْبَ أَنْ نَخْجَلَ مِنْ اعْتِرَافِنَا بِهِ أَوْ أَنْ نَجْهَلَ مَصْدَرَهُ ، و الطَّرِيقَة الْمُثْلَى لِتَجَاوُزِهِ دُونَ قَلَقٍ و تَوَتُّرٍ ، و شَيء آخَرٌ لاَ يَجِبُ أَنْ أَنْسَى ذِكْرَهُ ،و هُو احْتِرَافُ الاعْتِذَار للآخَرِينَ دُونُ تَكَلُّفٍ أو خَجَل ، و اللهُ مِنْ وَراءِ الْقَصْدِ يَهْدِي السَّبِيلَ ..




رُقَيَّـــة الْبـرَيْــدِي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق