لَمْ يَكُنْ يَوَمَ الأَحَدِ( 24 تشيرين الأول 2010 م) عادِيًّا أَبَدًا ، اسْتَيْقَظْتُ قُرابَةَ الْعــاشِرَةٍ صَبـاحًــا ، كُنْتُ مُتأخِّرَةً جِدًا ، السببُ الْوَحِيدُ هُوَ صَلاَح عَبْد الصَّبُور الذِي أُجْبِرُ نَفْسِي عَلَى قِرَاءَتِهِ هَذِهِ الأيــام ، خَضَعْتُ للوَقْتِ أُســابِقُ الْعَقــارِبَ للجــامِعَةِ، تَذَكَّرْتُ أَنَّ عَلَيَّ مُرَاجَعَة مَوْضُوع تَفْرِيغِي الذِي تَرَاكَمَ عَلَيْهِ تُرَبُ وَزَارَةِ التَّرْبِيَّــة ،اتْصَلْتُ بِصَدِيقَةٍ أَسْألُهــا إنْ كــانَ مُدِيرُ دَائِرَتِي مَوْجُودٌ ذَلِكَ الْيَوْمَ فِي مَكْتِبِهِ ، و مــا أَنْ أَخْبَرَتنِي أَنَّهُ هُنــاكَ حَتَّى اتَّخَذْتُ قَرَارًا للذَّهــابِ إلَى إبْرَا لِمُقــابَلَتِهِ ؛ خَوْفًــا مِنْ ضَيــاعِ الْفُرْصَةِ ، إذْ أَنَّهُ مَشْغُولٌ جِدًّا بتَجْهِيزَاتِ حَفْلِ الْعِيدِ الْوَطَنِيِّ ، نَظَرْتُ للسَّــاعَةِ كـانَتْ الحاديةَ عشرة و النِصْف ، انْطَلَقْتُ مِنَ الْجــامِعَةِ إلَى إبْرَا حــامِلَةً مَعِي أَوْرَاقِي و رَســائِلِي ، وَصَلْتُ قُرَابَةَ الواحِدَة ، طَلَبْتُ مُقــابَلَةَ الْمُدِير الْعــام ، كــانَ لَطِيفًــا ودُبْلُومــاسِيًــا جِدًّا، وَضَعَ أَمــامِي حَلاًّ هُو أَنْ أَتَقَدَّمَ بِطَلبٍ آخر يرفع مِنَ الْمُدِيرِيَّةِ للوَزَارَةِ ،و هَذَا يَعْنِي أَنِّي أُحَبِّرُ الدَّائِرَةَ لاَ أَكْثَر ، خَرَجْتُ يـــائِسَةً أَحْمِلُ هَمَّ ... ، نَظَرْتُ إلَيْهِ قَبْلَ خُرُوجِي ســائِلَةً إيــاهُ عَنْ كَيْفِيَّةِ الْحُصُولِ عَلَى طَلَبِ الاسْتِقــالَةِ ، ذَكَرَ لِي اسْمــًا لَم أَحْفَظْهُ ، اتْصَلْتُ بِصَدِيقَتِي ثانِيَةً أَسْألُهــا السُّؤالَ نَفْسَه ، مــاطَلَتْ فِي الإجــابَةِ ، أنْهَيْتُ الْمُكــالَمَةَ و ذَهَبْتُ إلَى مُوَظَّفِي الْمَوَارِدِ الْبَشَرِيَّة ، أَطْلَقْتُ سُؤَالِي لِيَنْظُرُوا إلَيَّ جَمِيعًــا ، قالَ أَحَدُهم : خَيْر؟ إنْ شاء الله حصلتي مكان أفضل ؟.. كَــانَتْ إجــابَتِي لا .. سألَنِي آخَر : أَنْتِ رُقَيَّـــة ؟ . أَثــارَ دَهْشَتِي ، كَيْفَ تَوَقَّعَ أَنْ أَكُونَ رُقَيَّة ؟ و مَنْ هَذَا ؟! أجَـبْتُهُ فِي هُدُوء : نعم أَنــا رُقَيَّــة .. سألَنِي مِنْ أَيِّ تــارِيخٍ سأُسجِّلُ اسْتِقــالَتِي .. لأنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ غِيــابِي مُسَجَّل مُنْذُ 4 أيْلُول ، لَمْ أَشأ الإجــابَةَ لأنَّ ذَلِكَ داخِلٌ فِي مُغــالَطَةٍ أُخْرَى ؛ لأنَّ انْقِطــاعِي عَنِ الْعَمَلِ حَقِيقَةً كــانَ مَعَ بِدْءِ دِرَاسَةِ الطُّلاَب 18 أيْلُول ، و قَدْ نَوَيْتُ أَخْذَ الأُسْبُوع مِنْ 18 – 22 أيْلُول إجــازَةً اضْطِرَارِيَّة لِظَرْفِ دِرَاسَتِي فِي الْجــامِعَةِ ، لِتَبْدأ اسْتِقــالَتِي مِنْ تــارِيخَ 25 أَيْلُول ، لَكِنِّي أَخَذْتُ الأَوْرَاق لأُمْلِيهــا بِصَمْت ، كَتَبْتُ اسْتِقــالَتِي و تَذَكَّرْتُ صَدِيقـًــا فاتَّصَلْتُ بِهِ ، لَمْ أَكُنْ أُرِيدُ اسْتِشــارَتَهُ فِي اسْتِقــالَتِي و لَكِنْ لأنِّي نَوَيْتُ رَفْعَ قَضِيَّةِ ضِدَّ الْوَزَارَةِ فِي الْمَحْكَمَةِ الإدَارِيَّة ، لِعِدَّةِ أَسْبــابٍ ، ... بالتأكِيد نَصَحَنِي الصَّدِيقُ بالاسْتِشــارَةِ الْقــانُونِيَّة ، اتْصَلْتُ بِمُحــامِيَةِ صَدِيقَةٍ و شَرَحْتُ لَهـا الْمَوْقِفَ ، طلَبَتْ مِنِّي وَقْتــا لِدِرَاسَةِ الْقَضِيَّةِ ، ترَكْتُ اسْتِقــالَتِي فِي مَكْتَبِ صَدِيقَةٍ حَتَّى تَعْتَمِدُهــا مُدِيرَةُ الْمَدْرَسَةِ ، و الْمُدِيرُ الْعــام .
عُدْتُ لِمَسْقَطَ بِهَمِّي ، اتَّصَلْتُ بإحْدَى صَدِيقــاتِي لِتُرَافِقَنِي للجــامِعَةِ ،طَلَبَتْ مِنِّي إيصــالهــا إلَى الْعِيــادَة ، لَمْ أكُنْ بِحــالَةٍ نَفْسِيَّةٍ جَيِّدَة ، أَخَذْتُهــا مَعِي و لَيْتَنِي لَمْ أَفْعَلْ ، شـاءَتْ الأَقْدَارُ أَنْ نَتَعَرَّضَ لِحــادِثِ سَيْرٍ غَبِيٍّ ، دَخَلْتُ دُوَّارَ النَّمــاءِ ، ولَمْ أَنْتِبِه للسَّيــارَةِ فِي الْيَســار كــانَ يُرِيدُ شَقَّ طَرِيقِهِ مُسْتَقِيمــا للجــامِعَة ، بَيْنمــا أَرَدْتُ أنْ أسيرَ يَســارًا ، فمــا كــانَ إلاَّ أَنْ يَصْطِدِمَ بِبــابِ سَيَّــارَتِي الْخَلْفِي ، الْغَرِيب أَنِي اسْتَطَعْتُ التَّحَكُمَّ بالسَّيــارَةِ و لَمْ أَخــافْ مِنَ الْمَوْتِ إطْلاَقًــا ، و كأنِّي أُرَحِّبُ بِهِ إنْ جــاء ، وَقَفْتُ جــانِبًــا و سألْتُ صــاحِبَتِي : are you fine ? قالت : نعم أنــا بِخَير . هل أنت بخير ؟ قلت الحمد لله . بعدها سحابات الحزن جعلتنِي أَنْكَّبُ عَلَى الْمِقْوَدِ لأتَنَفَّسَ شُكْرًا لله ، لَمْ أَكُنْ أَعْلَمُ أَنِي مُخْطِئَة ، صَرَخْتُ فِي ســائِقِ الْمْرْكَبَةِ الأُخْرُى و كــانَ هِنْدِيًّا ، ( ما تشوفني مسوية إشارة يسار؟! ) قــال: (أنــا ما غلطان إنت غلطان ) انْتَظَرْتُ حتَّى جــاءَ ابْن عَمِّي لِيُسَوِّي الأَمَر ، و جــاءَ أَخُو صــاحِبَتِي أَيْضــا ، لَمْ يُقَصِّرَا أَخَذَا سَيَّارَتِي لِشَرِكَةِ التأمِين ، و أخَذْتُ سيــارَةَ أَحَدِهِم لأتــابِعُ طَرِيقِي للعِيــادَة ، لَمْ نَجِدْ الطَّبِيبَة النِّســائِيَّة ، اتْجَهْنـا للجــامِعَةِ بعْدَهــا ، كنْتُ أَشْعُرُ أَنْ صوتًا غَيْرَ طِبيعِيٍّ بالسَّيــارَة ، و صــاحِبَتِي تَقُول : ( لا عــادِي أَخُوي كالعادة مسوي أغْرَاض كثيرة بالدبة ) ، وَصَلْنــا الْجــامِعَة السَّاعة الْخــامِسَة عصرا، تَذَكَّرْتُ أَنِي لَمْ آكُل شَيْئًــا مُنْذُ الليْلَةِ السَّابِقَةِ ، ذهَبْنــا لِنَبْحَثَ عَنْ اجْتِمــاعِ لَجْنَةِ النَّثْرِ و الشِّعْرِ الْفَصِيح ، لَمْ نَجِدْهُ لِذَلِك قَرَّرْنــا أَنْ نَذْهَبَ للجَمْعِيَّةِ الاسْتِهْلاَكِيَّة نُحــاوِلُ تَنــاسِي الْحــادِث ، عُدْنــا لِسَيَّــارَتِنــا و فإذا بأحَدِهِم يُؤَشِّرُ لَلسَّــيــارَة، وَقَفْنــا جــانِبا و نَزَلَتْ صــاحِبَتِي لِتَرى ، رُبَّمــا لأنَّهــا لَمْ تُلاَحِظْ شَيْئًــا لأنَّهــا لَمْ تُدَقِّق ، و مــا زِلْتُ أَسْمَعُ صَوْتـًــا ، قَرَّرْتُ الاتِّجــاه للمَرْكَزِ الثَّــقــفِي لِفَحْصِ السَّيــارَة ، اتَّخَذْتُ مَوْقِفــا بَعِيدًا ، و مــا أَنْ نَزَلْنــا حَتَّى رأتْ صــاحِبَتِي أَنَّ الإطــارَ الْخَلْفِي قَدْ لَفَظَ أَنْفــاسُهُ !!! نَظَرْنــا لِبَعْضِنــا فِي صِمْتٍ ، مــا هَذَا الْيَوْم الْمَشْؤُوم ؟!! كَيْفَ نَتَصَرَّفُ ؟ قَرَّرْنــا أنْ نَطْلُبَ الْمُساعَدَةَ مِنْ أيِّ طــالِبٍ يأتِي ، و بِطَرِيقَةٍ تِلْقــائِيَّة وَجَدْتُنِي أقُولُ لأحَدِهِم : ( لو سَمَحْت أَخُوي محتاجين مساعدة التاير بنشر) . ابْتَسَمَ بَيْنَ رَاغِبٍ فِي الْمُســاعَدَة و مُتْعَبٍ لَمْ يُجَرِّب تَغْييرَ إطــارٍ فِي حَيــاتِهِ ، لَكِنَّهُ بــادَرَ بالْمُســاعَدة لِيَلْحَقَ بِهِ آخر ، لَمْ يُقَصِّرَا ، شَكَرْنــاهُمــا ، و اسْتَمَعْنـا لِنَصِيحَتِهِمــا بِعَدَمِ السُّرْعَــة ، و تــابَعْنــا طَرِيقَــنــا عَوْدَةً للعِيــادَة ، دَخَلْتْ صــاحِبَتِي بَيْنَمــا انْتَظَرْتُ فِي السَّيــارَة كَثِيرا ، ثُمَّ هــاتَفَتْنِي لأَذْهَبَ إلَيْهــا ، وَجَدْتُهــا مُصْفَّرَةَ الْوَجْهِ ، و الدُّمُوعُ مُتَعَلِّقَةٌ بِعَيْنَيْهــا ، قــالَتْ لِي فِي هُدُوء ، تَخَيَّلِي ! وَرَم جَدِيد ! زادَ تَعَبِي ، أَشْفَقْتُ عَلَيْهــا ، حــاوَلْتُ تَهْدِئَةَ الأَمْرِ ، خَرَجْنــا مِنَ الْعِيــادَةِ بحـالٍ لاَ يَعْلَمُهُ إلاَّ الله ، أوْصَلْتُهــا لمَنْزِلِهــا ، و ذَهَبْتُ أَطْوِي الشَّارِعَ إلَى عــائِشَة أقْضِي لَيْلَتِي مَعهــا .
لَمْ أَسْتَطِع النَّوْمَ و أَنــا أسْتَرْجِعُ أحْدَاثَ الْيَوْم ِ ، تَذَكَّرْتُ أَنَّ هَذَا الْيَوْم هُو يَوْمُ الأَحَدِ الذِي قِيلَ لِي يَوْمــا أَنَّهُ يَوْمُ سَعْدِي !! قَرَّرْتُ أَنْ أَنْسَى كُلَّ شَيء و أنْ أنــــامَ فــارِغَةً مِنْ كُلِّ شَيءٍ إلاَّ ذِكْرُ الله .
رُقيــَّـــة ،،،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق