الجمعة، 3 ديسمبر 2010

اعْتِــــــــذَار



يُحْكَى أَنِّي كُنْتُ طــالِبَةً بقِسْمِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ بِجــامِعَةِ السُّلْطــان قــابُوس ، و ذَاتَ يَوْمٍ سَجَّلْتُ مُقَرَّرَ ( الْعَرُوض و الْقــافِيَّة ) لآخُذُهــا عِنْدَ الدُّكْتُور جَمــال الْعُسَيْلِي ، اسْتَمْتَعْتُ بالْمُقَرَّرِ كَثِيــــــــــــــــرًا ، و كالْعَــادَةِ نُكَلَّفُ بِعــمَلٍ نُقَدِّمُهُ للأُسْتـاذِ ، خًيَّــارَنــا أُسْتـــاذِي الْفــاضِل إِمَّــا أَنْ نَخْتـــارَ بَحْرًا مِنْ بُحُورِ الشِّعْرِ لِتَكْتُبَ عَلَيْهِ قَصِيدَةً مَوْزُونَةً أَوْ أَنْ نُقَطِّعَ خَمْسَةَ أَبْيــاتٍ مِنْ كُلِّ بَحْرٍ تَقْطِيعــًـا عَرُوضِيَّــا ، فَضَّلْتُ الْخــيــارَ الثَّــانِي لأنِي كُنْتُ بِحــاجَةِ لِتَرْكِيزِ فَهْمِي للزّحــافــات و العِلَلِ بِشَكْلِ أَفْضَــل .. و انْتَهَيْتُ بانْتِهــاءِ الْمُدَّةِ الْمُحَدَّدَةِ للبَحْثِ ، فذَهَبْتُ حــامِلَةً عَمَلِي لِتَسْلِيمِهِ ، غَيْرَ أَنِّي لَمْ أَجِد أُسْتــاذِي ، قَرَّرْتُ أَنْ أَعُودَ فِي وَقْتٍ آخَرَ ، فانْشَغَلْتُ حَتَى نِهــايَةِ الأُسْبُوعِ التَّــالِي و انْتَهَى مَوْعِدُ التَّسْلِيم ، عِنْدَهــا ذَهبْتُ للتَّسْلِيمِ و الاعْتِذَار مِنَ الأُسْتــاذِ لَكِنْ للأَسَفِ لَمْ أَجِدْهُ أَيْضـــًا ..


حِينَهــا قَرَّرْتُ أَنْ أَتْرُكَ لَهُ الْعَمـــلَ فِي بَرِيدِهِ فِي مَكْتَبِ الْمُنَسِّقِ ، فذَهَبْتُ و طَلَبْتُ وَرَقَةً بَيْضـــاءَ مِنْ مُنَسِّقِ الْقِسْمِ لأَكْتُبَ اعْتِذَارًا و أَشْرَحُ سَبَبَ تأخُّرِي ، فَــوَجَدْتُنِي كَتَبْتُ :



تَرَكْتُ الرِّســالَةَ تَنــامُ مَعَ عَمَلِي فِي بِرِيدِهِ و انْصَرَفْتُ مُطْمَئِنَّـــةً بِتَقْدِيمِي الخَيــارَيْنِ مِنَ الأعْمــال .. فَقَبِلَ الأُسْتــاذُ اعْتِذَارِي و حَصَلْتُ عَلَى دَرَجَةٍ كـــامِلَةٍ و ثنــــاءٍ مُنْعِشٍ ..

قَــدْ جِئْـتُ أَلْتَمِــسُ الأَعْذَارَ مُطْرِقَةً
رَأْسِي حَيَـــاءً فَهَـــلْ للْعُــذْرِ غُفْــرَانُ
أُكَــــرِّرُ الْخَطْـــوَ نَحْــوَ الْقِسْمِ رَاجِيَةً
لُقْيَــــا كَــــرِيــمٍ لَــهُ فَضْـــلٌ و عِرْفَــانُ
لَكِـــنَّ حَظِّــيَ خَــــوَّانٌ يُبَـــاغِــتُـنِي
بالْغَـــدْرِ حِيـنـًا و هَذَا الدَّهْـرُ خَوَّانُ
و لِـــي رَجَـــاءٌ لأَنْ أَحْــظَى بِمَغْفِرَةٍ
مِنْ فَارِسِ النَّحْوِ مَنْ بالشِّعْــرِ مِرْنَانُ
هَـــذِي حُرُوفِي بــالآمَـــالِ غَـــارِقَةٌ
و مَنْ يَــــرُدُّ نِــــدَاءَ الْحَرْفِ نَدْمَـانُ
هَــــذِي حُرُوفِــــيَ للأَحْـلاَمِ ظَامِئَةٌ
فَهَـــــلْ سَيُـــرْوَى بِعـزِّ الظُّهْرِ ظَمْآنُ
فَلْتَعْــــذُرُوا قَلَـــمِي إِنْ شَــــابَهُ قِصَرٌ
و كَيْــــفَ لاَ و لَقَـــدْ سَامَتْـــهُ أَزْمَــانُ
يَخُــــطُّ حُــــزْنًا و آلامــًـــا مُبَعْـثَــــرَةً
و يَرْسِـــمُ الْحُــــزْنَ لاَ تُثْنِيهِ أَلْــــوَانُ
و يَنْشُــدُ الْمَجْدَ لاَ تَخْبُـــو لَهُ هِمَــمٌ
مَــتَى تُـــلاَقِيـــهِ بالأَفْـــرَاحِ أَحْضَـانُ
و يَنْسِـــجُ الْعُــــذْرَ أَثْــــوَابًا مُطَـــرَّزَةً
و كُلُّــــهُ أَمَــــلٌ ، صِــدْقٌ ، و إِيمَــانُ
أَنْ لَــــنْ يَرُدَّ حِـــدَاهُ الْيَوْمَ مُنْتَكِسًا
فَــذٌ نَجِيبٌ لَــــهُ بالْقِسْــــمِ عُنْــــوَانُ
أُكَرِّرُ الْعُـــذْرَ أَرْجُو الصَّفْـــحَ حَالِمَةً
أَنْ لاَ يُعَــــانِقَ حَرْفِي الْيَوْمَ نُقْصَـانُ
و أَخْتِــــمُ الْقَـــــوْلَ بالتَّسْلِيمِ مُنْصِفَةً
عَلَى رَسُولِ الْهُدَى ، للحَقِّ بُرْهَانُ
و آلـــِهِ خَيْـــرُ مَــنْ للدِّينِ قَـدْ وَقَفُوا
مَا نَــــاحَ طَيْـــرٌ و مَا غَنَّتْـــــهُ أَغْصَانُ




الأرْبِعَاء 10 أَيَار 2006 م السَّاعَة 12:50 م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق