الأحد، 8 نوفمبر 2009
الْعَلاَقَات الإِنْسَانِيَّة .. إِلَى أَيْن ؟
كَثِيرًا مَا يَشْغَلُنِي التَّفْكِيرُ فِي الْعَلاَقَاتِ الإِنْسَانِيَّة فِي مُجْتَمَعِنَا الْعَرَبِي عَامَّة و الْخَلِيجِيّ خَاصَّة ، و للأَسَفِ الشَّدِيد مَا نَزَالُ نَجْهَلُ طَبِيعَةَ الْعَلاَقَات الإِنْسَانِيَّة ، و كَيْفَ يَجِبُ أَنْ تَكُون ، رُبَّمَا لأَنَّنَا لاَ نَجِدُ وَقْتًا لِفَهْمِ احْتِيَاجَاتِ الآخَرِين ، أوْ عَلَى الأَرْجَح لأَنَّنَا نِعِيشُ فِي زَمَنِ الْمُفَارَقَات الْكَبِيرَة ، حَيْثُ لاَ تُوجَدُ حَبْل وَثِيق بَيْنَ الأجْيَال !
كُلُّنَا نُدْرِكُ مَدَى التَّغَيُّرَاتِ السَّرِيعَةِ التِي حَدَثَتْ خِلاَل السَنَواتِ الْقَلِيلَةِ الْمَاضِيَة ، و التِي أَظُنُّهَا أحَدَ الأَسْبَابِ التِي أَدَّتْ إِلَى قَطْعِ أَوْصَالِ مُجْتَمَعِنَا الْخَلِيجِيّ ؛ لِتَظْهَرَ لَدَيْنَا الدَّوَائِرَ الْمُخْتِلِفَة التِي قَدْ نَجِدُ أَنْفُسَنَا دَاخِلَ دَائِرَةٍ مِنْهَا بِقَصْدٍ أَوْ دُونَ قَصْد ، فَعَلى سَبِيلِ الإِيضَاحِ قَدْ يَكُونُ الْوَاحِدُ مِنَّا فِي بِدَايَةِ حَيَاتِهِ مُنْخَرِطًا فِي عَائِلَتِهِ و عَلاَقَاتِهِ الأُسَرِيَّة بِشَكْلٍ يَجْعَلُهُ قَرِيبًا مِنْ كُلِّ أَفْرَادِهَا ، و مَا أَنْ يَبْتَعِدَ عَنْ مُحِيطِ عَائِلَتِهِ حَتّى يَجِدُ نَفْسَهُ فِي دَائِرَةٍ أَخْرَى إِمَّا أَنْ تَكُونَ الأَصِدِقَاء ، أو رُبَّمَا زُمَلاَءُ دِرَاسَتِهِ ، أو حَتَّى بَعْضُ الْمُشْتَرِكِينَ مَعَهُ فِي الْمُيُولِ و الاهْتِمَامَات ، فِي حِينْ يَبْدَأ بالانْفِصَال التَدْرِيجِي اللاوَاعِي مِنْ دَائِرَة الأُسْرَة ، لِيَجِدَ نَفْسَهُ بَعِيدًا كُلَّ الْبُعِدِ ، و غَيْر قَادِر عَلَى اسْتِيعَابِهِم كَمَا يَنْبَغِي عِنْدَمَا يُفَكِّرُ بالْعَوْدَةِ إِلَيْهِم ، و هَكَذَا نَعِيشُ فِي حَالَةِ اللاتَوازُن فِي عَلاَقَاتِنَا الإِنْسَانِيَّة باخْتِلاَفِ مُسْتَوَيَاتِهَا .
و مَا يَزِيدُ الأَمْرُ سُوءً عَدَم فَهْمِنَا لِمَاهِيّة أو طَبِيعَة الْعَلاَقَة الْقَائِمَة ، حَيْثُ نَدْخُلُ فِي مُغَالَطَاتٍ كَثِيرَة لاَسِيَّمَا فِي يَخْتَصُّ بِالْعَلاَقَاتِ الإِنْسَانِيَّة بَيْنَ الْجِنْسَيْن ، لِنَدْخُلَ فِي مَتَاهَاتٍ كَبِيرَة لاَ طَائِلَ لَهَا ، و سَوْفَ نِجِدُهَا مُغَلَّفَةً بِأُطُرٍ دِينِيَّة أو أَعْرَافٍ و تَقَالِيدَ رُبَّمَا يُسَمِّيهَا الْبَعْضُ مِنَّا مَبَادِئ !
و الْحَقِيقَةُ أَنَّ ذَلِكَ نَابِعٌ مِنْ عَدَمِ وَعي الْمُجْتَمَع بشَكْلٍ عَامٍّ، لأَهِمِيَّة الاتِّصَالِ الإنْسَانِيّ ، سَواء كَانَ عَلَى صَعِيدِ الْفَرْدِ أو الأُسْرَة أو الْمُجْتَمَعِ ، و جَهْلِنَا بالضَّوَابِط و الْفَواصِلَ بَيْنَ عَلاَقَةٍ و أُخْرَى ، فَعَلى سَبِيلِ الْمِثَالِ نَحْنُ نَجِدُ مَنْ يُطَالِبُنَا بأنْ تَكُونَ عَلاَقَةُ الأمِّ و الأَبِ بأبْنَائِهِمَا عَلاَقَةُ صَدَاقَةٍ مَثَلاً حَتَّى يَسْتَطِيعا الْوُصُول بِشَكْلٍ صَحِيح لِأَبْنَائِهِمَا ، و لَكِنْ هَذَا لاَ يَعْنِي أَبَدًا أن يَتَنَاسَى الأبْنَاءُ الأسَاسَ الأوَّل الذِي انْبَنَتْ عَلَيْهَ هِذِهِ الْعَلاَقَة و إِلاَّ وَجَدْنَا تَجَاوُزَاتٍ كَثِيرَة أَدَّتْ إِلَى خَلَلٍ مَلْحُوظ، و هَكَذَا الْحَالُ نَفْسُه فِي عَلاَقَاتِ الصَّدَاقَة و الزَّمَالَة و الأُخُوَّة و غَيْرِهَا .
إِذَنْ يَتَوَجَّبُ عَلَيْنَا أَنْ نَرْسِمَ فِي مُخَيِّلَتِنَا مِقْيَاسًا لِنُوَازِنَ بَيْنَ عَلاَقَاتِنَا الْمُخْتَلِفَة ، و أنْ نَضَعَ الْفَواصِلَ الصَّحِيحَة بَيْنَهَا ، بِحَيْث نَسْتَوْعِبُهَا بالشَّكْلِ الْمُنَاسِب لِمَا نَطْمَحُ إِلَيْهِ ..و فَّقَنَا الرَّحْمَنُ لِمَا يُحِبُّ و يَرْضَى .
رُقَيَّـــة الْبـرَيْــدِي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
في مسارها الأخضر ما لم تخدشها النفوس الضعيفة التي يهمها فقط مصالحها الخاصة ولا يعنيها مطلقا إن تألم الأخر أو فشل .. العلاقات الإنسانية يجب أن تقوم على الاحترام والتعاون والصدق والأمانة والمحبة وكل الفضائل و القيم الأخلاقية التي تؤدى إلى الهدف الأسمى الذي يعني الإنسانية بمفهومها المطلق.
ردحذفهَكَذَا نَحْنُ يَــا صديقَة نَحْلُم و نَحْلُم على أمــل أن نَجِدَ الْحَيــاة التِي لاَ يُمْكِنُ أنْ تَكُونَ إلا حَيــاة ...
ردحذف