السبت، 17 أبريل 2010

قُلُوبٌ خَضْرَاء



فِي صَبِيحَةِ يَوْمِ السَّبْتِ السَّابِعِ عَشَرَ مِنْ رَبِيعِ الآخَرِ لِعَامِ 1428هــ الْمُوَافِقِ للخَامِسِ مِن أَيَار/ مَايُو لِعَامِ 2007م ، أَدْرَكْتُ سِرَّ جَمَالِ اللَّوْنِ الأَخْضَرِ ، لأَوَّلِ مَرَّةِ أُفَكِرُ فِي مَعَانِي هَذَا اللَّوْنِ ، كُلُّ مَا كَانَ مُلْتَصِقًا بِذِهْنِي أَنَّهُ لَوْنُ الْجَرَادِ و الضَّفَادِعِ ! كُلُّ غُصْنٍ أَخْضَرٍ يَتَحَرَّكُ حَوْلِي أُبَادِلُهُ التَّحِيَّةَ بابْتِسَامَةِ صَامِتَة ، خَرَجْتُ مِنَ السَّكَنِ الْجَامِعِيِّ قَبْلَ السَّادِسَةِ صَبَاحًا ؛ لِذَلِكَ وَجَدْتُ مُتَّسَعًا لأَتأَمَّلَ فِي مَكْنُونَاتِ هَذَا اللَّوْنِ الْبَدِيعِ ، الَّذِي بَدأْتُ أَشْعُرُ بِرَاحَةٍ و تآلُفٍ مَعَهُ ، تَذَكَّرْتُ صَدِيقَةً عَزِيزَةً كُنْتُ أُحَادِثُهَا قَبلَ يَوْمٍ عَبْرَ الشَّبَكَةِ الْعَنْكَبُوتِيَّة ، و قَدْ اخْتَارَتْ لَونًا أَخْضَرًا للكِتَابَةِ ، و كَانَتْ تَقُولُ لِي أَنَّهَا تَكْتُبُ باللَّوْنِ الأَخْضَرِ عِنْدَمَا تَكُونُ سَعِيدَةً !! سَخِرْتُ مِنْهَا بِقَوْلِي : غَرِيبٌ أَنْ يُعَبَّرَ عَنِ السَّعَادَةِ بِلَوْنِ الضَّفَادِعِ !
و هَا أَنَا أُعِيدُ نَظَرِي ثَانِيَةً ، هَلْ حَقًّا أَنَّ لَوْنَ السَّعَادَةِ أَخْضَر ؟! تأَمَّلْتُ مَلِيًّا فِي كُلِّ شَيءٍ أَخْضَر أَمَامِي ، اقْتَنَعْتُ بَعْدَهَا أَنَّهُ لَوْنُ الْحَيَاةِ ، و لَوْنُ السَّعَادَةِ .
وَصَلْنَا الْمَدْرَسَةَ و كَانَ الطَّابُورُ قَائِمًا ، كُنَّا قَدْ اشْتَرَيْنَا بَعْضَ الْهَدَايَا التِّذْكَارِيَةِ لِمُعَلِّمَاتِنَا الْمُتَعَاوِنَات و الْمُعَلِّمَةِ الأُولَى و الْمُدِيرَة ، شُكْرًا و تَقْدِيرًا مِنَّا لَهُنَّ عَلَى جُهُودِهِنَّ مَعَنَا ، تَمَّ تَكْرِيمُهُنَّ فِي الطَّابُورِ كَمَا طَلَبْنَا ، شَكَرْنَنَا كَثِيرًا .
أَخْبَرَتْنِي الْمُعَلِمَةُ الأُولَى بأَنَّ ثَمَّةَ احْتِفَالٌ بَسِيطٌ خَاصٌّ بِنَا فِي الْفُسْحَة أَخْبَرْتُ مَنْ وَجَدْتُ مِنْ زَمِيلاَتِي ، و مَا أنْ انْتَهَيْنَا مِنْ تَعْلِيقِ اللَّوْحَاتِ ، حَتَّى كَانَ مَوْعِدُنَا مَعَ أُسْرَةِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّة ، أُسْرَةُ الرُّقِيِّ و الذَّوْقِ ، ذَهَبْنَا مَعًا لِنُفَاجَئ بكَرَمِهِنَّ عَلَيْنَا ، بَدَأ الْحَفْلُ الأخْضَرُ بِكَلِمَاتِ شُكْرٍ و تَقْدِيرٍ لَنَا ، أَلَقْتْهَا مُعَلِّمَتِي الْمُتَعَاوِنَة بالنِّيَابَةِ عَنْهُنَّ ، ثُمَّ أُتِيحَ الْمَجَالُ للبَقِيَّةِ فَتَحَدَّثْنَ نَقَاءً و عُذُوبَةً كَقُلُوبِهِنَّ الْخَضْرَاء ، كُنَّا فِي قِمَّةِ السَّعَادَةِ الَّتِي يُخَالِطُهَا شَيْءٌ مِنَ الإِحْرَاجِ ، كَرَّمْنَنَا بِهَدَايَا تِذْكَارِيَّة رَائِعَة ، ثُمَّ قَدَّمْنَ لَنَا، أطْبَاقًا مُنَوَّعَةً مِنَ الْمَأَكُولاَتِ و الْمَشْرُوبَات، يَالَهُنُّ مِنْ مُعَلِّمَاتٍ مُثْلَيَاتٍ ، كَانَ يَكْفِينَا ابْتِسَامَتَهُنَّ الْخَضْرَاء الَّتِي نَسْتَلْهِمُ مِنْهَا الثِّقَة و نَتَعَلَّمُ مِنْهَا الْكَثِير ، حِفِظَهُنَّ الرَّحْمنُ و بَارَكَ خُطَاهُنَّ .
أَنْهَيْنَا دُرُوسَنَا ، و اسْتَكْمَلْنَا كُلُّ مَا تَبَقَّى مِن أَنْشِطَةٍ لَنَا وَرْشَةُ الإِلْقَاءِ و الأُصْبُوحَةِ الشِّعْرِيَّةِ الَّتِي شَارَكْتُ فِيهَا بِثَلاَثِ قَصَائِدَ مُنَوَّعَة ، كَانَ اللَّوْنُ الأخْضَرُ يَرْتَسِمُ فِي عَيْنَيَّ ، فَخَشِيتُ أنُ يُغَيِّرَ الْوَدَاعُ اللَّوْنَ الأخْضَرَ إِلَى سَوَادٍ قَاتِمٍ ؛ لِذَلِكَ تَلاَفَيْتُهُ و مَضَيْتُ بأَحْلاَمِي الْخَضْرَاء ، ابْتَسَمْتُ عِنْدَمَا رَأيْتُ إِحْدَاهُنَّ تَرْتَدِي مَلاَبِسَ خَضْرَاءَ و نِعَالاً أَخْضَر !






السَّبْتُ السَّابِعُ عَشَرَ مِنْ رَبِيعِ الآخَرِ لِعَامِ 1428هــ الْمُوَافِقِ للخَامِسِ مِن أَيَار/ مَايُو لِعَامِ 2007م

هناك تعليقان (2):

  1. نحن ندعو لمن يودعنا والمسافر بقولنا له دربك أخضر..
    وأقول لكِ دربك في الحياة أخضر..
    أعجبتني المدونة لذلك أضفتها لدي بعد إذنك.
    دمتِ كما يحب.

    ردحذف
  2. بَيّــاعُ الْوَرْدِ ..أَهْلاً بِخُضْرَتِكَ عَلَى ضِفــافِ مُدَوَّنَتِي ..


    دُمْتَ بِقَلْبٍ أَخْضَــر

    ردحذف