السبت، 17 أبريل 2010

فِرْدَوْسُ التَّرْبِيَةِ الْعَمَلِيَّةِ



تَصَارَعَ الإِحْسَاسُ دَاخِلِي عِنْدَمَا عَلِمْتُ بأَنَّ مَدْرَسةَ الإِعْدَادِيَّةَ قَدْ غُيِّرَتْ ، كُنْتُ خَائِفَةً أَنْ تَكُونَ كَسَابِقَتِهَا ، إِلاَّ أَنَّ يَوْمَ الإِثْنَيْنِ الخَامِسِ عَشَرَ مِنْ صَفَر لِعَامِ 1428 هـ المُوافِقُ لِلخَامِسِ مِنْ آذَار/ مَارِس لِعَامِ 2007م أَزَالَ مِنْ أَعْمَاقِي كُلَّ الْهَوَاجِسَ السَّلْبِيَّة ،رُغْمَ أَنِّي كُنْتُ أُعَانِي مِنْ حَالَةٍ صِحِّيَةٍ سَيِّئَةٍ إِلاَّ أَنِّي آثَرْتُ أَنْ لاَ أَضَيِّعَ يَوْمِي الأَوَّلَ فِي مَدْرَسَةٍ جَدِيدَةٍ ؛ لأَنَّ اليَوْمَ الأَوَّلَ هُوَ الَّذِي يُحَدِّدُ مَسَارَ الْفَصْلِ كَامِلاً فِي نَظَرِي ، وَ مَا أَنْ دَخَلْتُ مَدْرَسَةَ فَيْضِ الْمَعْرِفَةِ حَتَّى وَجَدْتُنِي أَحْمُدُ اللهَ الْكَرِيمِ عَلى فَضْلِهِ ، سُبْحَانَ الله ! مَدْرَسَةٌ أَمْ مِصَّحَةٌ نَفْسِيَّةٌ هَذِهِ !
شَعَرْتُ بالاطْمِئْنَانِ مَا أَنْ رَأَيْتُ جَنَّةَ الْمَدْرَسَةِ الْوَارِفَةِ الظِّلاَلِ ، مَنْظَرٌ مُرِيحٌ فِعْلاً؛ فَهِيَ الْمَرَّةُ الأُولَى الَّتِي أَرَى فِيهَا شَجَرَةً تَتَوَسَّطُ الطَّابُورَ ، اتْجَهْنَا إِلَى غُرْفَةِ مُسَاعِدَةِ الْمُدِيرَةِ حَتَّى انْتَهِى الطَّابُورُ ، ثُمَّ سَلَّمْنَاهَا الرِّسَالَةَ ، و تَوَجَّهْنَا إِلَى غُرْفَةِ الْمُعَلِّمَاتِ لِنُقَابِلَ الْمُعَلِّمَةَ الأُولَى ، و لَكِنَّهَا كَانَتْ مَشْغُولَةً بِحِصَّةٍ لَهَا ، انْتَظَرْنَاهَا حَتَّى انْتَهَتْ و جَاءَتْ لِتُوَزِّعَ عَلَيْنَا الْجَدْوَلَ مَعَ مُعَلِّمَةٍ أُخْرَى ، كَانَ نَصِبِي مَعَ الصَّفِ السَّادِسِ كَمَا كُنْتُ أَرْجُو ، بَعْدَ ذَلِكَ دَعَتْنِي مُعَلِّمَتِي الْمُتَعَاوِنَةُ لِتُحَدِّثَنِي عَنْ طَالِبَاتِ الصَّفِ السَّادِسِ و عَنِ الْمَنْهَجِ الَّذِي وَصَفَتْهُ بِالْبَسَاطَةِ ، حَدَّدْتُ مَعَهَا الصُّفُوفَ الَّتِي سَآخُذُهَا و مَوَاعِيدَ الْحِصَصِ ، مَا أَعْجَبَنِي أَنَهَا كَانَتْ حَرِيصَةً عَلى رَاحَتِي كَثِيرًا رُبَّمَا أَكْثَرَ مِنِّي ، و لِسَعَادَتِهَا تَأَثِيرٌ جَمِيلٌ فِي نَفْسِي ، سأَلَتْنِي إِنْ كُنْتُ أُرِيدَ البِدْءَ مِنْ ذَلِكَ اليَّوْمَ ، فَقَدْ كَانَتْ مُسْتَعِدَّةً أَنْ تَتَنَازَلَ عَنِ الْحِصَّتَيْنِ لأَجْلِ أَنْ أَتَعَرَّفَ عَلَى الطَّالِبَاتِ ، غَيْرَ أَنِّي فَضَّلْتُ أَنْ أَحْضُرَ مَعَهَا حِصَّةَ مُشَاهَدَةٍ أَوَّلاً ثُمَّ آخُذُ حِصَّةً أُخْرَى ؛ لِأَتَحَدَّثَ مَعَ الْطَّالِبَاتِ ، و كَانَ مَا طَلَبْتُ .
أُعْجِبْتُ بِحِصَّةِ المُشَاهَدَةِ ، و تَشّوَّقْتُ كَثِيرًا لِحِصَّتِي الَّتِي سَأَلْتَقِي فِيهَا بِطَالِبَاتِي ، رُغْمَ الْفَوْضَى الْمُزْعِجَةِ فِي ذَلِكَ الْفَصْلِ إِلاَّ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ كَثِيرًا ، رُبَّمَا لأَنَّهُنَ أَثْبَتْنَ لِي أنَّ مَكَانَةَ الْمُعَلِّمَةِ مَا زَالَتْ بِخَيْرِ ، و أَنَّ للْعِلْمِ طَالِبِيهِ الْمُجْتَهِدُينَ .
مَا أَنْ خَرَجْتُ و ابْتِسَامَتِي مِنَ الْحِصَّةِ حَتَّى شَرَعْتُ إِلَى مُعَلِّمَتِي الْمُتَعَاوِنَةِ أُعَبِّرُ لَهَا عَنْ مَدَى سَعَادَتِي ، و أَسْأَلُهَا عَنْ دَرْسِ الأُسْبُوعِ الْقَادِمِ الَّذِي بَدَا لِي دَرْسًا مُمْتِعًا فِيمَا بَعْد . خَرَجْتُ إِلَى غُرْفَةِ الطَّالِبَاتِ الْمُتَدَرِّبَاتِ الَّتِي خَصَّصَتْهَا الْمَدْرَسَةُ لَنَا ، فَقَدْ كُنْتُ عَلَى مَوْعِدٍ مَعَ زَمِيلَتِي لِنَبْدَأَ الْعَمَلَ بِرَصْدِ الأَخْطَاءِ اللُّغَوِيَّةِ مِنْ لَوْحَاتِ الْمَدْرَسَةِ ، كَانَ عَمَلاً مُتْعِبًا و مُمِلاًّ إِلاَّ أَنَّنَا أَنْهَيْنَاهُ قَبْلَ انْتِهَاءِ الْحِصَّةِ السَّادِسَةِ ، فحَمَدْنَا اللهَ الَّذِي أَلْهَمَنَا الصَّبْرَ و الْعَزِيمَة . حَانَ مَوْعِدُ انْصِرَافِنَا و السَّعَادَةُ تُدَاعِبُ نُفُوسَنَا ، و الأَمَلُ يُرَفْرِفُ بَأَجْنِحَتِهِ الْبَيْضَاءِ فِي سَمَاءِ طُمُوحَاتِنَا .




الْخَمِيسُ الثَّامِنُ عَشَرَ مِنْ صَفَر لِعَامِ 1428 هـ المُوافِقُ لِلثَّامِنِ مِنْ آذَار/ مَارِس لِعَامِ 2007م






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق